أنا قاسم سلیمانیخلیل | ||||
PDF (1047 K) | ||||
“ أنا قاسم سلیمانی، قائد فیلق صاحب الزمان السابع التابع لمحافظة کرمان. ولدت سنة 1958 فی قریة قنات ملک من ضواحی کرمان، حائز شهادة البکالوریا، متزوج ولدیّ ولدان، صبی وبنت. قبل الثورة، کنت موظفاً فی مصلحة میاه کرمان. وبعد انتصار الثورة الإس امیة، التحقت بحرس الثورة فی الأول من شهر أیار سنة 1980 . مع اندلاع الحرب وهجوم النظام العراقی على مطارات البلاد، بقیت مدة أحرس الطائرات فی مطار کرمان. بعد شهرین أو ثلاثة على اندلاع الحرب، انطلقنا إلى جبهات سوسنکرد ضمن القوات الأولى المرسَلة من کرمان والتی کان تعدادها 300 شخص تقریباً، بصفة قائد فصیل. فی الأیام الأولى لالتحاقی بالجبهة، اعتقدت بأن العدو قادر على القیام بأیّ شیء، لکننا تمکّنا فی أوّل هجوم لنا من إرغامه على التقهقر من جانب طریق سوسنکرد إلى الحمیدیة، وکبّدناه خسائر أیضاً. وقد أدّى هذا الأمر إلى زوال التصوّر الخاطئ عن العدو من ذهنی”. )الجنرال قاسم سلیمانی لمجلة «نداء الثورة » عام 1990 (. بعد ثلاثین عاماً: هنا البوکمال شاهده فی البوکمال السوریة. المعرکة فی ذروتها، القتال کان من مسافة قریبة، وهو لا یبعد عنه سوى أمتار معدودات. فی الخط الأمامی على مشارف المدینة، کان الشهداء یتساقطون، وذلک المقاتل فی حزب الله یوزّع عیناً على العدو وأخرى على «الحاج » غیر المبالی بسامته الشخصیة. کانت البوکمال آخر المعارک الکبرى التی خطّط لها وقادها وحقق فیها انتصاراً کما اعتاد. الخروج إلى الضوء منذ انطلاق الحرب على «داعش »، لم یعد قاسم سلیمانی «قائد الظل » کما لقّبته الصحف الأمیرکیة فی 2009 بعید تجنب العدوّ إیاه فی عملیة اغتیال عماد مغنیة فی دمشق. کان الحضور العلنی للواء الإیرانی فی المیدان، بالنسبة إلى القیادة فی طهران، خروجاً إلى الضوء وإیذاناً بنقطة تحوّل فی ملف الوجود والنفوذ خارج الحدود. بدأت صور «الحاج قاسم » تنتشر فی کل مکان، بین المقاتلین على مختلف الجبهات، وفی غرف العملیات والاجتماعات. عشیة انطلاق المعارک فی العراق، استأنف علاقة ثانیة له مع مطار بغداد )محطته الأخیرة لیل الخمیس - الجمعة 2020 / 1/ 3(، حیث بات یتردّد باستمرار بموازاة خطّ إمداد لوجستی وتسلیحی یرافق تحرّکاته. سریعاً، جمع حلفاءه فی المقاومة العراقیة ضدّ الاحتلال الأمیرکی، وراح یوزّع بتنقلاته المکوکیة جهده باتجاهین: وضع الخطط لاحتواء التمدد الداعشی » ولإطاق المعارک المضادة، وإعداد برامج التنظیم والتدریب للفصائل المقاتلة قید الإنشاء تلبیة لفتوى المرجعیة، أو تلک التی تحتاج تأهیلاً لاستیعاب آلاف المتطوّعین الجدد، إلى أن أُطلقت عملیة جرف الصخر باکورة المعارک الواسعة. لیلبس جند أمیرکا الحفّاضات تلک کانت حرباً للدفاع عن العراق ولحمایة حدود إیران وأمنها فی آن. لکن لم تکن أولى المعارک التی خاضها لتحقیق الهدفین معاً. فالمساهم الأول فی تأسیس تشکیلات المقاومة العراقیة ودعمها، عمل وفق استراتیجیة إیرانیة تعتبر غزو بغداد توطئة لاستهداف إیران، ما یحتّم إشعال حرب استنزاف تُبعثر حسابات الأمیرکی الآتی إلى أفغانستان والعراق ومهدّداً سوریا. کان لسلیمانی ما أراد، وفی تلک المرحلة، بدأ یتردّد اسم قائد «قوة القدس » فی الحرس الثوری همساً، ویأخذ بالانتشار شیئاً فشیئاً. عادت یومها استراتیجیة فی السیاسة الخارجیة یقال إن واضعها هو الامام الخمینی: ید تضرب العدو وید تفاوضه فی مکان آخر فی الوقت ذاته. تَعزّز هذا المسار أخیراً فی ظلّ ازدواجیة الحضور الإیرانی فی المنطقة، بین ابتسامة جواد ظریف وعبوس قاسم سلیمانی. یحفظ العاملون مع اللواء سلیمانی الکثیر من القصص أیام المقاومة العراقیة. هی شواهد على نبوغ عسکری وأمنی تَسبّب، غیر مرة، فی إحباط لدى ضباط ودبلوماسیین أمیرکیین راوغهم فی الأمن والعسکر وحتى السیاسة. وتلک صفة یعزوها عارفون بالرجل إلى موهبة متأصلة فیه تحاکی «الدهاء الفارسی » على حدّ تعبیر أحدهم. قال دونالد ترامب : «سلیمانی أسقط آلاف الأمیرکیین بین قتیل وجریح على مدى فترة طویلة .» لم ینکر «الجنرال » هذه التهمة ولا الخوف الذی زرعته عبواته بالجنود الأمیرکیین، وقال فی إحدى المناسبات ساخراً من جبن الجنود الأمیرکیین: إن القوات الأمیرکیة کانت بحاجة لإمدادات من «حفّاضات البالغین .» الفارس النبیل بالنسبة إلى أعدائه فی الغرب، هو الرجل الثانی فی الجمهوریة الإسامیة. لکنه لیس کذلک فی طهران، لا فی النفوذ ولا الرتب. مع هذا، فهو أخذ منذ عقد مکان البطل الأسطورة. هو للإیرانیین القومیین بطل رمز یشبه أبطال الأساطیر فی الإمبراطوریات الفارسیة الغابرة. لکنه لیس هکذا بالنسبة إلى نفسه أو «إخوته » الإسلامیین فی الحرس الثوری وإیران والمنطقة عموماً. یرى نفسه «جندیاً للولایة على طریق القدس »، وفق أدبیات الثورة الإیرانیة، ویراه رفاق ساحه حاماً لرایة هذه الثورة خلف الحدود، لیحمی مصالح البلاد من جهة، ویبقی جذوة الثورة بنسختها الأممیة مشتعلة. لقّبه المرشد علی خامنئی ب «الشهید الحی .» لدى العدو، هو «رجل المهمات القذرة » و «السفاح » و «المرعب »، حین یقاس الأمر بعبء سیاسته على إسرائیل والولایات المتحدة وحلفائها من مشیخات الخلیج ) الفارسی (. لکن أحد رفاق درب «الجنرال » یکثّف صفاته بعبارة «الفارس النبیل ،» ویشرح «أبوّة » القائد العسکری ولطفه وتواضعه مع الجمیع، حتى الأعداء القادر على إبادتهم کان یسعى إلى التعامل الرحیم معهم بأقصى قدر ممکن. دبلوماسی مفاوض، متواضع ولبق وشهم وخلوق وقریب من القلب، لا یقطع الجسور مع أحد. نشیط ومبادر و «روحانی »، بحسب الصفات التی یسوقها الراوی، منبّهاً إلى أنها قد لا تخطر ببال من یراقب عمله العسکری عن بعد. أن تکون قائداً ل «قوة القدس » التی تبلورت بعد حرب الخلیج ) الفارسی ( من رحم الحرس الثوری لتنظّم نشاط «الحرس » الخارجی أیام «السلم »، فهذا یعنی أنک مسؤول عن العملیات الخارجیة فی کلّ مکان خلف حدود إیران، وبالحدّ الأدنى فی الإقلیم__
أو «غرب آسیا » کما یسمّیها الإیرانیون. وهنا، منطقة تزدحم بالأعداء الذین یجب التعامل معهم: الولایات المتحدة ومعها القوات البریطانیة والغربیة عموماً، حلفاؤهم العرب، إسرائیل، الانفصالیون الکرد، وأخیراً التنظیمات التکفیریة. فی الوقت عینه، تزدحم بالحلفاء والأصدقاء: سوریا، فصائل المقاومة فی العراق ولبنان وفلسطین والیمن. کانت مهمة «سردار سلیمانی »)القائد بالفارسیة( أو «الحجی أبو دعاء » کما یشیر إلیه العراقیون، نقل التکتیکات القتالیة التی استخلصها الحرس الثوری من حرب السنوات الثمانی مع العراق ودشّن على أساسها صناعته العسکریة. وهی تقوم على ملاحظة التفوق التسلیحی للعدو ومواجهته بقتال غیر تقلیدی أو لا متناظر، عماده الأساس: الصواریخ مقابل التفوق الجوی. باتت على عاتق سلیمانی، منذ استلامه منصبه أواخر التسعینات، مهمة نقل الخبرات والتسلیح، وإنشاء بنیة تحتیة قتالیة صلبة لدى الحلفاء. سنوات قلیلة وسیتردّد مصطلح «محور المقاومة ». محور کان سلیمانی یشکّل البنّاء ومن ثم المرکز له، حتى بات أحیاناً یطلق علیه البعض «محور قاسم سلیمانی ». حرب تموز کانت محطة أساسیة لاختمار التجربة. بأمر من المرشد الخامنئی، صار یستقلّ بجزء من دور سلیمانی فی اتخاذ القرارات فی شأن الملفات الإقلیمیة )لا سیما منها المرتبطة بحرکات المقاومة ضد إسرائیل( حزبُ الله فی لبنان، وتحدیداً أمینُه العام السید حسن نصر الله، وقائدُه العسکری آنذاک الشهید عماد مغنیة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 89 تنزیل PDF: 31 |
||||