عندما یستغیث المسلم | ||||
PDF (740 K) | ||||
طاهرة امره ان الاسلام دین الاحترام والاهتمام ، وهو یرفض اللامبالاة والانانیة! إن لامبالاة المسلمین وعدم اهتمامهم ببعضهم البعض یعتبر من ناحیة الشرع المقدس والشریعة الإسلامیة، امرا لایلیق بأی مسلم. وحتى ان لامبالاة المسلمین اتجاه أتباع الدیانات الأخرى امر مذموم یرفضه الدین. وهذا هو المبدأ المهم والأساسی للحدیث الذی یقول (من اصبح ولم یهتم بأمور المسلمین فلیس بمسلم) والحدیث الاخر الذی یقول -بهذا المعنی-من سمع استغاثة او صراخ المظلوم ولم یذهب لمساعدته فهو غیر مسلم.
من هنا ان منهج ومبدأ إیران بعد الثورة وإرساء اسس وقواعد الحکومة الإسلامیة کان منذ البدایة نفس هذا المبدآ والمنهج ایضا. کما ان التاریخ یشیر الی ان إیران لم تکن فی ای فترة من الزمن لا ابالیة ازاء تقدیم المساعدة للمظلومین والمضطهدین فی جمیع أنحاء العالم ، وانما حاولت دائمًا الی جانب تقدیم المساعدات الیهم بشتى الطرق العسکریة والاقتصادیة والسیاسیة، ان توصل صوت ونداء المظلومین الی مسامع جمیع البشریة ! ومن هنا نرى أن ایران کما تهتم اهتمام جدیا بقضیة العراق وباکستان وأفغانستان ، التی تعتبر من البلدان المجاورة ، فأنها تهتم بنفس القدر بقضیة فلسطین ولبنان والبوسنة والهرسک ایضا! فی السنوات الأخیرة ، عندما تصاعدت الحرب بین سوریا والعراق مع تنظیم داعش، وتفاجأت القوات العراقیة والسوریة تمامًا من تواجد هذا الحجم من الارهابیین القتلة وواجهت صعوبات کبیرة فی مواجهتهم ، لم تختار ایران الصمت بل سارعت الی مساعدتم ،ولم تتوانی قید انملة عن تقدیم انواع المساعدات والامدادات لهم .وهذا ماسجله وشهد علیه جمیع المؤرخین المؤیدین منهم للجمهوریة الإسلامیة والمعارضین علی حد سواء . لکن السؤال الذی قد یشغل بال الکثیر من الإیرانیین هو: بأی ثمن تمت هذه المساعدات؟ هل بثمن خسارة رؤوس الأموال المادیة والمعنویة لبلادنا ، هذا فی حین نحن الیوم بأمس الحاجة إلیها ، وان وغیاب أی من رؤوس الأموال هذه یعتبر فراغًا خطیرًا لإیران ؟! للإجابة على هذا السؤال ، یجب أن نفکر قلیلاً خارج أطرالحدود الجغرافیة، وان لانری التواصل البشری محدود فی الحدود الداخلیة.خاصة الیوم ، حیث أصبح تواصل الناس مع بعضهم البعض أمرًا سهلاً وسریعا للغایة بسبب تطور تقنیة المعلومات والانترنیت والأجواء الافتراضیة. عندها یمکننا أن تفهم بأن مشکلة شخص واحد أو مجتمع یمکنها أن تصل إلینا بسهولة وفی أقصر وقت ممکن کالدومینو من الجانب الآخر من العالم، ولاتورطنا نحن فقط مثل ذلک المجتمع بل ستورط العالم بأسره أیضًا.وخیر دلیل علی ذلک موضوع وقصة کورونا والأحداث التی تلتها وشاهدتها البشریة جمعاء وعانت منها. ان داعش کانت جماعة صغیرة فتیة ادعت تشکیل حکومة عالمیة،وکان هدف هذه الجماعة الإرهابیة نشر وبسط دولتها (الإسلامیة علی الظاهر)المنشودة فی جمیع أنحاء العالم من خلال إزالة کل العقبات التی تواجهها ، ومن المفارقات، انه هذه الجماعة من اجل تحقیق هذا الهدف ، کانت تحظی أیضًا بالدعم السری للقوى العظمى فی العالم. ما ذا کان علی إیران أن تفعله فی مثل هذه الحالةا؟ هل کان علیها ان تجلس مکتوفة الأیدی حتى یتمکن هؤلاء الوحوش الضاریة ان یتقدموا من منطقة الی منطقة اخری ومن قبیلة إلى قبیلة ومن مدینة إلى مدینة اخری ومن محافظة إلى محافظة اخری ویبیدون بکل قسوة وبدون ای رحمة الاطفال والنساء الصغار العراقیین والسوریین وبالتالی یصلون إلى حدود إیران؟ أم تذهب بکل قوتها إلى حدود بعیدة عن حدودها الجغرافیة لتقاتل هؤلاء الوحوش الذین لایعرفون معنی الانسانیة والرحمة قتالا شاملا وتقلع جذور داعش والی الابد من تلک الأراضی وان تنقذ العالم من رعب هذه العصابة الارهابیة التی صنعها الغرب؟! بالتأکید ، ان کل مسلم ذو عقل سلیم سیختار الطریق الثانی ، حتى لو کلفه ذلک الکثیر! وطبعا هذا الانتخاب والاختیار ایضا یستمد جذوره کذلک من أهمیة نفس الحدیث النبوی والمبدأ العقائدی إیمان المهم الذی ورد ذکره فی بدایة هذا المقال. وقد اعتمد فیلق القدس فی جمهوریة إیران الإسلامیة منذ البدایة على نفس هذا المبدأ.ومن هذا المنطلق کان ولایزال علی أهب الاستعداد لحل المشاکل العالمیة. وإلقاء نظرة خاطفة على نشاطات فیلق القدس فی العراق وسوریا واستعراض ذکریات قادة وجنود هذا الفیلق سیساعدنا على فهم أعمق لأهمیة تدخلات إیران فی العراق وسوریا. وقبل دخول إیران فی قضیة العراق وسوریا ، کان تنظیم داعش قد تمکن خلال فترة زمنیة قصیرة (حوالی سنة )من السیطرة على نصف أراضی سوریا والأجزاء الشمالیة الغربیة من العراق . لکن تزامنا مع ذلک وبتوجیه طلب رسمی من الحکومة السوریة للمساعدة من إیران لمحاربة داعش ، تغیر الوضع وتغیر کل شیء وانقلبت النتائج ! فی البدایة ومن خلال ارسال المستشارین الی سوریا ساعدت إیران هذه الحکومة . یعنی ان المستشارین الذین هم فی الواقع خبراء عسکریون قدموا المشورة للقادة والمسؤولین السوریین وساعدوا هذه الحکومة بتوجیهاتهم. لکن بعد مرور بعض الوقت ، جاءت جمهوریة إیران الإسلامیة ، بالإضافة إلى مستشاریها ، لمساعدة سوریا بالقوات العسکریة ، ووضعت موضوع الدفاع عن حدود هذا البلد بشکل مباشر ، والدفاع عن حدود إیران بشکل غیر مباشر على أجندتها وضمن برنامج عملها. من ناحیة أخرى ، واجهت الحکومة العراقیة أیضًا مشاکل وتحدیات کبیرة فی مواجهة ومحاربة داعش ، وبعد فتوى آیة الله السیستانی بشأن جهاد الشعب لمحاربة داعش ، احتاجت إلى تنظیم قواتها قدر الإمکان. کما ان المساعدة الاستشاریة والعسکریة للقوات الإیرانیة لجیش الحشد الشعبی العراقی من أجل تعزیزالتنسیق قدر الإمکان بین ارکان أجزاء هذا الجیش ، یعتبر من الخطوات المؤثرة الاخری التی قامت بها إیران علی هذا الصعید. کما أن التعاون الحمیم والصمیمی بین کبار القادة العسکریین الإیرانیین والعراقیین ، مثل الشهیدین الحاج قاسم سلیمانی وأبو مهدی المهندس ، جعل الحشد الشعبی یشهد انسجاما وتماسکًا اکثر یومًا بعد یوم ویحقق نتائج وانتصارات رائعة جدًا! من ناحیة أخرى ، کانت هزیمة داعش فی سوریا والعراق مهینة ومذلة للغایة لهذه الجماعات الارهبیة وحلفائها من وراء الکوالیس ،بحیث أنها جعلت إیران تصبح إحدى أهم الدول صاحبة القرار فی المنطقة! فی الواقع ، ان إیران من خلال المقاومة وتقدیم المساعدة الصادقة والحقیقیة لهاتین الدولتین ، تمکنت من جهة ان تخلص نفسها من تهدید الجماعات الارهابیة کداعش وامثالها،وان تعزز من جهة اخری موقعها ومکانتها العسکریة والدبلوماسیة فی المنطقة وربما بین بقیة رؤساء بلدان العالم الاخری! وبما أن هذه المقاومة بالنسبة الی ایران لم تتم بسهولة ولم تکن ذات تکالیف قلیلة، إلا أنها تؤکد وتؤید تصریح قائد الثورة المعظم الذی قال:أن “تکالیف المساومة والاستسلام أکثر بأضعاف من تکالیف المقاومة”! | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 146 تنزیل PDF: 73 |
||||