الثورة الأسلامیة فی ذکرها السنویة الرابعة والأربعین ثبات علی المبادیء وتقدم وتطور هائل علی جمیع الأصعدة | ||||
PDF (1611 K) | ||||
تحتفل ایران هذه الایام بالذکری السنویة الرابعة والاربعین لإنتصار الثورة الإسلامیة المبارکة التی تحققت فی یوم الحادی عشر من شهر شباط عام ١٩٧٩م بفضل الارادة الالهیة وجهاد الشعب الإیرانی المؤمن وقیادة قائدها الفذ الامام الخمینی (رض) وهی الثورة التی أطاحت بالحکم الملکی العمیل لأمریکا والغرب والکیان الصهیونی وحرّرت ثروات وخیرات البلاد من قبضة الاستکبار، وازالت التبعیة للشرق والغرب وفرضت سیادة الشعب علی کل مراکز القرار السیاسی والثقافی والدبلوماسی والاجتماعی وحققت إنجازات کبیرة على مختلف المستویات، وفی مقدمتها إعادة الثقة بقدرات الامة وشجاعة شبابها، وإحیاء الروح الایمانیة، واعتماد التوکل على الله عزّ وجل أساساً فی کل مواجهة لتحقیق الانتصارات،فأحیت بذلک روح الجهاد والمقاومة فی الامة الإسلامیة التی ظل الاستعمار لعقود طویلة یسلب خیراتها ویسخّر طاقاتها لمصالحه الخاصة تارکا الشعوب الاسلامیة تئن من الفقر والاذلال”. وبما ان الثورة حملت اسمی المبادیء والقیم الانسانیة والاسلامیة السامیة الرامیة الی تحریر الانسان من العبودیة وهدایته الی الطریق القویم ،ودعم المظلومین ومساندتهم ومواحهة قوی الشر والإستکبار،فقد واجهت هذه الثورة منذ انتصارها اشرس التحدیات حیث تکالبت علیها قوی الشرمن کل حدب وصوب من اجل اخماد نورها وایقاف مدها الثوری الذی اخذ ینتشر بسرعة بین الشعوب وخاصة بین المظلومین والمحرومین وممارسة انواع الضغوط علی الشعب الایرانی کی یتخلی عن ثورته ومبادئها السامیة .ویمکن القول بأنه لم یتعرض شعب فی العالم، الی هذا الحجم من الحروب والمؤامرات والحصار والضغوط والتهدید والاغتیالات، کما تعرض له الشعب الایرانی على مدى اکثر من اربعة عقود، وذلک فقط من اجل دفاعه عن ثورته الاسلامیة وتمسکه بمبادیء هذه الثورة ورفضه لهیمنة القوى المسیطرة علی العالم، ونصرته للمظلومین فی العالم، وفی مقدمتهم الشعب الفلسطینی. وفی الواقع ان الجمهوریة الاسلامیة المنبثقة من الثورة رغم کل المحن التی مرت بها تمکنت بفضل الله عزوجل وارادة الشعب الایرانی المسلم وحکمة القیادة ان تجتاز کل الصعوبات وتواجه کل التحدیات والأزمات وتحبط کل المؤامرات وتحرز بمرور الایام تقدما کبیرا علی کافة الآصعدة السیاسیة والعلمیة والطبیة والاجتماعیة والثقافیة والعسکریة وتصبح رغم کید الأعداء دولة عظمی بکافة مقوماتها ومواصفاتها ،ونموذجاً ریادیاً یحتذى به لمن أراد العیش بکرامة واستقلال. ومن یتابع الشأن الایرانی سواء کان من أصدقاء الثورة الاسلامیة أو من غیر اصدقائها فلا یمکنه ان ینکر بأن ایران الیوم هی دولة اقلیمیة کبرى بکل ما للکلمة من معنى وان نفوذها وتأثیرها تخطى الاقلیم وهی الآن دولة کبیرة ومؤثرة على الساحة العالمیة ورقم صعب لایمکن تجاوزه، بل لایمکن فعل شیء فی هذا الاقلیم الا بالتفاهم مع ایران التی حققت طیلة السنوات التی تلت الثورة الاسلامیة انجازات کبیرة ونوعیة جعلت منها بلد ذات قوة سیاسیة وعسکریة واقتصادیة وعلمیة وثقافیة واجتماعیة و.... فعلی الصعید السیاسی فإن ایران-کما یعلم الجمیع-قد اعتمدت منذ البدء النظام الجمهوری وطبقته نصاً وروحاً وبنت الدولة العمیقة القائمة على المؤسسات بقیادة رشیدة توجّه ولا تملک سلطات تنفیذیة. وکان اختیار المسؤولین فی السلطة على مختلف مستویاتها یتم دائماً بالانتخاب الشعبی المباشر او غیر المباشر. ما جعل النظام السیاسی مستجیبًا لقاعدة “الشعب یحکم نفسه”. وهذا منتهى القوة للنظام السیاسی. اما علی صعید القوة العسکریة الدفاعیة، فإن إیران أدرکت هذه الحقیقة وهی ان أی دولة تحاول أن تتحرّر من السیطرة الأجنبیة تجد نفسها محکومة بواقع الارتباط بسوق السلاح والنظام الاقتصادی العالمی الذی تسیطر علیه القوى “الحاکمة عالمیاً” وبالتالی تجد نفسها مکرهة على الخضوع، من هنا اتجهت منذ البدایة الی بناء القوة الدفاعیة الکفؤة والقادرة على حمایة الثورة وحمایة الشعب وحمایة الدولة وتقدیم الدعم لحرکات التحرر العالمیة عامة والإقلیمیة خاصة، وتوفیر السلاح الکافی والملائم لکل ذلک عن طریقین: التصنیع العسکری المحلی الذاتی، والاستیراد من مصادر تسلیح تتاح من دون شروط أو قیود. وقد نجحت ایران فی اعتماد هذین المصدرین الى الحدّ الذی وصلت فیه الآن الى تحقیق مستوى ردع فاعل یدخلها فی دائرة الطمأنینة. والحقیقة ان القدرات العسکریة الایرانیة قد أصبحت لا تقاس بما قبل الثورة الاسلامیة حیث باتت ایران الیوم أکبر قوة صاروخیة فی المنطقة باعتراف المسؤولین العسکریین الامیرکیین، وتمتلک ایران مختلف انواع الصواریخ البالیستیة التی ترعب جمیع اعدائها وقد استخدمت بعضها فی قصف مقرات لتنظیم داعش فی سوریا وقصف قاعدة عین الاسد الأمیرکیة فی العراق رداً على اغتیال الامیرکیین للفریق قاسم سلیمانی قائد قوة القدس فی الحرس الثوری وأظهرت صور الاقمار الصناعیة حینها ان جمیع سفن الاسطول الامیرکی فی الخلیج الفارسی وبحر عمان انسحبت الى عمق المحیط الهندی بعیداً عن مرمى الصواریخ الایرانیة خلال یوم واحد خشیة توسیع دائرة المعرکة واستهدافها، ویصل الأمر الى ان یفتخر الرئیس الامیرکی الأسبق دونالد ترامب ویعبر عن فرحته بأن أی من جنوده لم یقتلوا فی الهجوم الصاروخی الایرانی ویکتفی بذلک. وباعتراف الامیرکیین انفسهم فقد هؤلاء سیطرتهم على الاجواء فی الشرق الاوسط بسبب الطائرات المسیرة الایرانیة الحدیثة والمتطورة وباتت ایران تصنع الدبابات الحدیثة والصواریخ المضادة لها والرادارات المتطورة وصواریخ الدفاع الجوی بمختلف انواعها واجهزة الحرب الالکترونیة والسفن الحربیة والمدمرات التی تجوب المحیطات وکذلک الزوارق الهجومیة السریعة التی یصعب مواجهتها وهناک أمثلة عدیدة على المواجهات بینها وبین السفن الامیرکیة والبریطانیة فی الخلیج الفارسی وبحر عمان.وباتت ایران ترسل ناقلات النفط الى فنزویلا متحدیة التحذیر الامیرکی بمنعها من الوصول فتصل الناقلات الى فنزویلا وتعود، وتعاقب ایران أمیرکا وتحبط قواتها البحریة عملیة سطو أمیرکیة على ناقلة نفط فی بحر عمان وتبعد المدمرات الامیرکیة من منطقة العملیات. وفی المجال الاقتصادی الذی یعتبرعصب الحیاة ادرکت ایران ان التبعیة الاقتصادیة تجعل الأعداء یفرضون ارادتهم ویتحکمون بإرادة الشعوب ویمارسون الضغوط علیها لتستجیب لمطالبهم ، وقد وعت إیران کل ذلک وجاءت سیاسة الاحتواء والحصار والعقوبات الغربیة لترفع مستوى الوعی الإیرانی لهذه الحقیقة. ما جعل إیران تعتمد على مواردها وطاقاتها بشکل أساسی. وعلى الرغم من الحصار نجحت إیران بالسیطرة على الثروات الوطنیة واستثمارها لصالح الشعب الإیرانی وفی خدمة الثورة. کما أوقفت ظاهرة وضع الید الغربیة على هذه الثروة ثم القیام بثورة اقتصادیة تحول الاقتصاد الإیرانی من اقتصاد ریعی استهلاکی الى اقتصاد إنتاجی استثماری، محققة الاکتفاء الذاتی للدولة بنسبة عالیة ندر وجودها فی دول العالم الأخرى التی کانت تمر بظروف أفضل من الظروف الإیرانیة. اما علی الصعید العلمی فقد فهمت إیران، الإسلام کما هو “دین للحیاة والتطور والتقدم” وقدّمت نموذجاً فذاً فی مجال التقدم العلمی مع تمسکها العمیق بالدین وضوابطه وحدوده، وخاضت بنجاح میدان الذرة والفضاء والنانو ومختلف العلوم الحدیثة. وهنا حققت مکسبین: کسب ذاتی جعلها تستفید من العلوم الحدیثة وکسب للإسلام لتأکید حقیقة أن الإسلام دین حضارة وحیاة متطورة. وقد تعاظمت الانجازات العلمیة فی ایران بعد انتصار الثورة الاسلامیة بشکل کبیر بحیث ان ایران الیوم تحتل المرتبة ١٦ عالمیا فی انتاج المواد العلمیة والمرتبة ١١ عالمیا فی انتاج العلوم المتعلقة بالطاقة النوویة، والمرتبة ١٦ عالمیا فی انتاج المواد العلمیة المتعلقة بتکنولوجیا النانو، والمرتبة ١٤ عالمیا فی التقنیة الحیویة (البایوتکنولوجیا) والمرتبة ١١ عالمیا فی علوم الجوفضاء و المرتبة ١٩ عالمیا فی مجال الطب. وقد تطور القطاع الطبی فی ایران ایضا بشکل کبیر وأصبحت ایران احدى الدول الرائدة والمهمة فی العالم فی مجال علاج الامراض المستعصیة، وفی مجال علاج العقم وعدم الانجاب، و فی زراعة الأعضاء، وزراعة الکبد والعظام والرئة، وزراعة القرنیة ، وترمیم الأنسجة. ویکفی الاشارة الی ان ایران ومنذ سنوات تستقبل المرضى حتى من الدول الاوروبیة نظرا لتطور المستشفیات والکوادر الطبیة الایرانیة فی هذا المجال، وباتت ایران احدى الدول التی تزدهر فیها السیاحة العلاجیة ویقصدها المرضى الأجانب نظرا لتطور ورقی القطاع الطبی فیها. کما استطاعت إیران ایضا تحقیق الاکتفاء الذاتی بإنتاج الأدویة والمستلزمات الطبیة، حیث انها تحظى حالیا على المرتبة الاولى فی مجال إنتاج الأدویة بین دول الشرق الاوسط من خلال إنتاجها ٩٧٪ من الادویة وتصدر کمیات کبیرة منها وعلى رأسها الأدویة البیولوجیة الحدیثة، کما انها باتت تصدر أکثر من ١٠٠ منتج طبی إلى ٥٥ دولة حول العالم. وفی تکنولوجیا النانو وتقنیة المعلومات وتکنولوجیات الجوفضاء والتقنیة النوویة التی تعتبر من العلوم الاستراتیجیة وصلت ایران الى مکانة مرموقة، فایران الیوم تمتلک جمیع مراحل دورة الوقود النووی وتنتج الکهرباء فی محطات نوویة فی البلاد وتصنع الاقمار الصناعیة وترسلها الى الفضاء بصواریخ محلیة الصنع وهی الدولة رقم ١٢ فی العالم التی تمتلک تکنولوجیا صنع الاقمار الصناعیة. وفی المجال الزراعی احتلت ایران المرکز الأول فی زراعة الزعفران والفستق والجوز والتمر وغیره فی العالم، کما انها لدیها اکتفاء ذاتی من القمح والحبوب، اضافة الى احتلالها للمراکز الأولى فی زراعة الازهار والأعشاب الطبیة التی تستخدم فی الطب الشعبی. اما على الصعید الثقافی الذی یعتبر من أهم مناحی الحیاة فان الثورة المعلوماتیة فی العالم والتی ربما أراد البعض الاستفادة منها لزعزعة وضرب المفاهیم الثوریة السائدة فی المجتمع الایرانی، قد أتت بنتائج عکسیة على هؤلاء وایجابیة للشعب الایرانی حیث توضح یوما بعد یوم مدى النجاحات وعمق الانجازات التی حققتها الثورة الاسلامیة فی ایران وبات الجیل الایرانی الجدید والذی لم یعش ایام الثورة والحرب، مدرکا للحقائق بشکل واسع ومطلعا على ما یدور فی بلاده وما یدور فی الخارج ومطلعا على مکامن القوة الحقیقیة لبلاده ومکانة ایران الاسلامیة فی العالم، فلم یکن النظام الاسلامی فی ایران أکثر رسوخا فی أذهان وعقول أبناء الشعب الایرانی فی یوم من الأیام مما هو علیه الآن. وباتت ایران ملهمة للشعوب المتطلعة نحو الحریة ورفض التبعیة فی المنطقة وسندا للمقاومین والاحرار وکابوسا یقض مضاجع الصهاینة والعملاء والرجعیین. کما حققت ایران انجازاً کبیراً علی صعید التضامن والتلاحم والتماسک الإجتماعی من خلال تعزیز القیم الانسانیة والإیمان الدینی والالتزام الوطنی الذی یصون البلد من الاعلام المعادی والغزو الثقافی ومایعرف بالحرب الناعمة الذی یهدد المجتمع. و من المتواتر ان المجتمع یشکل فی معظم الأحیان نقطة ضعف الدول، حیث إن الحرب الناعمة عادة تعصف فی الدول من أبواب مجتمعاتها. فإذا کان الوعی الاجتماعی ضعیفاً او متردیاً او إذا کان التماسک الاجتماعی واهناً او إذا کان الحس الوطنی فی المجتمع مترهلاً، فإن المجتمع یکون عرضة للسقوط السهل بید أجنبیة، اما فی الحالة العکسیة حیث تکون المناعة الاجتماعیة عالیة فإن الحرب الناعمة تکون منخفضة الاحتمالات فی النجاح. وهذا ما أکدته المشارکة الضخمة والملایینیة للشعب فی مسیرات الذکری السنویة لأنتصار الثورة علی مدی الـ ٤٤ عاماً من عمر الثورة الإیرانیة، حیث أثبت الشعب فی إیران استعصاءه على التدخل الأجنبی لوجود مناعة لدیه صنعها الإیمان الدینی والالتزام الوطنی والحرکیة الفکریة وکانت أحداث سنة ٢٠٠٩ وأحداث الشغب الاخیرة نموذجاً لإثبات فعالیة هذه المناعة التی أسقطت کل آمال الغرب فی النیل من الثورة الإسلامیة. اما علی صعید الاستراتیجیة الدولیة نلاحظ رغم کثرة الأعداء وضیق الخیارات وندرة المستعدین للتحالف الاستراتیجی مع إیران بسبب الضغط الغربی تمکنت إیران من نسج تحالفات هامة رفدت قوتها الذاتیة وزودتها بشبکة أمان إقلیمیة ودولیة ابعدت عنها صورة الجزیرة المعزولة السهلة المحاصرة والإسقاط، تحالفات تبادلیة المنافع والمکاسب صاغتها مع دول ومع کیانات غیر حکومیة کما هو الحال مع حزب الله وارتقت بالتحالف لتشکیل مجموعة استراتیجیة هامة (محور المقاومة) فی نظام عالمی قید التشکل على أساس المجموعات الاستراتیجیة، ما یمکّن إیران رغم کل أنواع الحصار والتضییق أن تحجز مع حلفائها المقعد الآمن فی النظام العالمی المقبل. وهناک انجازات ومکاسب کثیرة اخری لایسع المجال لذکرها هنا ،انجازات ومکاسب تؤکد جمیعها علی التطور والتقدم الهائل الذی شهدته آیران بعد الثورة الاسلامیة المبارکة مع تمسکها الکامل بمبادیء الثورة وتطلعاتها. وفی الختام ینبغی القول ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تحتفل الیوم بالذکرى ٤٤ لآنتصار ثورتها المبارکة مؤکدة للعالم اجمع ان هذه الثورة وجدت لتبقى وتستمر بفعل الارادة والایمان الثابت بالمبادىء والحقوق مقدمةً درساً ومنهجاً واضحاً لکل شعوب العالم مفاده ان الدولة التی تعمل لمصلحة شعبها فی شتى المجالات العسکریة والاقتصادیة والتی تصمد فی وجه الهیمنة الخارجیة، یمکنها بفعل ادارة قادتها الحکیمة والرشیدة ان تجبر کل العالم على احترام عقائدها ومبادئها ومصالحها الوطنیة والمبدئیة وها هی ایران الیوم بثباتها علی المبادیء وتحقیق الانجازات والمکاسب الکبیرة والتطور العلمی الکبیرفی کافة المجالات تمشی قدماً وبثبات لا متناهٍ وتواصل تقدمها الهائل فی شتى المجالات من اجل الوصول الى اهدافها الاستراتیجیة المنشودة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 207 تنزیل PDF: 74 |
||||