الجمهوریة الاسلامیة فی عامها الـ ٤٤، مواقف و آراء | ||||
PDF (2063 K) | ||||
![]() | ||||
على اعتاب الذکرى االرابعة والأبعین لانتصار الثورة الاسلامیة، تعود الجمهوریة الاسلامیة الى واجهة الاحداث و تستحوذ على اهتمام المراقبین، خاصة فی ظل التحدیات الراهنة، والمخاوف و الآمال ازاء المستقبل الموعود الذی یتطلع الیه عشاق ایران الاسلام و دعاة الحریة و کرامة الانسان. و بهذه المناسبة التقت وکالة مهر للانباء عدداً من المراقبین و الاساتذة و الباحثین فی الشأن الایرانی، لاستطلاع آرائهم و التعرف على انطباعاتهم فی هذا المجال. الجمهوریة الاسلامیة الرقم الصعب یرى الدکتور حکم امهز، ان الجمهوریة الاسلامیة فی ایران اصبحت رقماً صعباً فی المعادلات الدولیة بعد مرور اربعة واربعین عاماً على انتصار ثورتها، و لم یعد بالامکان تحدید مستقبل المنطقة دون المشارکة الایرانیة. لافتاً بأننا قادمون على تحولات تاریخیة فی المنطقة على مستوى التحالفات السیاسیة والقطبیة فی النظام الدولی ..
وفی معرض الاشارة الى المتغیرات التی اعقبت قیام الجمهوریة الاسلامیة على مستوى المنطقة والعالم، یلفت الدکتور حکم أمهز الى مبادرة الجمهوریة الاسلامیة بتشکیل محور المقاومة والممانعة. و یرى ان هذا المحور استطاع ان یحقق مُعجزات على مستوى المنطقة. ذلک ان حرباً کونیة کانت تجری فی سوریا، وان اکثر من ١٢٦ دولة تسعى لاسقاط النظام السوری وتقسیم سوریا، و عملت على توفیر کل الامکانیات وتقدیم مختلف انواع الدعم اللازمة على المستوى التکنولوجی والمادی والعسکری واللوجستی والاستخباراتی للجماعات الارهابیة، حتى على مستوى العقیدة التکفیریة، وذلک اخطر ما یکون. غیر ان عقیدة محور المقاومة کانت اکبر منهم بکثیر ولولاها لاجتاحت داعش اوروبا. و یمضی بالقول: وبفضل محور المقاومة انتصرت سوریا وهزمت الحرب الکونیة التی فُرضت علیها. وفی العراق ایضا کانت هناک حرب کونیة تکفیریة انتصر فیها محور المقاومة. و فی الیمن الیوم هناک تحالف دولی ضد الشعب الیمنی المظلوم، الا ان هذا الشعب الیمنی انتصر فی النهایة. و علیه ان (محور المقاومة) استطاع ان یشکّل قوة هائلة تمکن من خلالها ان یفرض نفسه بقوة فی المعادلات الدولیة، وبات یحسب له الف حساب، ولعل هذا ما یبرر الهستیریا الاسرائیلة ترتعد ازاء تنامی هذا المحور. و یضیف: لقد استطاعت الجمهوریة الاسلامیة بوحی من هذا المحور، ان تُشکل قوة توازن ردع ازاء القوى العظمى، وبالتالی فرضت نفسها على الصعید الدولی وغیّرت المعادلات الدولیة. و فی ظل هذه المُتغیرات اصبحنا الان فی مرحلة تحول مفصلی وتاریخی. اضف الى ذلک ان الدول العظمى باتت تسعى الى خطب ود الجمهوریة الاسلامیة ومحور المقاومة. فالروسی فی سوریا لا یستطیع ان یحسم معرکة من الجو، لذلک برز دور محور المقاومة على الارض، وبالتالی دخل محور المقاومة الى سوریا قبل الروسی. و یتساءل الدکتور حکم امهز، من الذی حقق کل هذه التحولات التی حصلت فی المنطقة، والتی ادت الى ما ادت الیه على مستوى المواجهة، وعلى مستوى التحدی والموقعیة، وعلى مستوى هزیمة المشاریع الامریکیة والاسرائیلیة فی المنطقة؟ ثم یجیب: انها الثورة الاسلامیة فی ایران. الجمهوریة الاسلامیة و کرامة الانسان و فی السیاق نفسه یرى الاستاذ الجامعی علی حکمت شعیب ان الثورة الإسلامیة المبارکة کانت رحمة کبرى للعالم بإیجادها حراکاً کبیراً فی البیئة الدولیة لن تهدأ قبل الوصول إلى بیئة دولیة تتقبل العدالة وترفض الظلم والعدوان وتتحقق فیها کرامة الإنسان. مضیفاً: الثورة الاسلامیة فی ایران هی التحوّل الوجودی الوحید المضیء فی سماء القرن العشرین بعد ظلمات الحربین العالمیتین، والذی أشعّ بنوره على الأرض کلّها. و استطاعت هذه الثورة أن تبنی شعباً متماسکاً واثقاً بقیادته مطیعاً لها ومؤمناً بتحقیق النصر على أکبر قوة فی العالم تحت رایة الإسلام المحمدی الأصیل.. قیادة تقتدی بالانبیاء والصالحین تتمثل صفاتهم وتقتفی أثرهم وتسیر على هدیهم ... قیادة عازمة على إزاحة ظلم المستکبرین عن المستضعفین فی العالم کافةً بغض النظر عن انتمائهم الدینی و القومی و المذهبی والطائفی.. قیادة تهدف الى استنقاذ المقهورین واستعادة حقوق المحرومین.. قیادة قائلة بالحق، عامل للأجر، مخاصم للظالم، ومناصر للمظلوم، تخوض الغمرات للحق أینما کان ولا تخاف فی الله لومة لائم. و یتابع الاستاذ شعیب: إن ما یلفت بقوة فی مسیرة الجمهوریة الإسلامیة هو تموضعها ذو السرعة القیاسیة التی لم تعهدها البیئة الدولیة فی تاریخ الدول. إذ تمکنت من أن تصبح قوة إقلیمیة وازنة متجهة بثبات نحو استکمال مواصفات القوة الدولیة فی غضون ٤٣ سنة من عمرها. و لعل من أبرز الثمار الطیبة المستمرة التی تخرجها هذه الشجرة المبارکة هی آثارها الإیجابیة الکبرى على شکل النظام العالمی الجدید، ومساهمتها الفاعلة فی مخاضه التحوّلی الحالی الذی یُتوقع أن یتولد منه نظام عالمی متحرر من الهیمنة الأمریکیة الغربیة، التی عاثت فی الأرض فساداً ونهباً لثروات الشعوب، لتُفتح صفحة جدیدة من تاریخ العالم حیث یسود الاحترام للإنسان وقیمه، ویتعزز التعاون بین الدول وتقل النزاعات فیما بینها. الثورة الاسلامیة افشلت المخططات الامیرکیة فی المنطقة
و بدوره یرى المتحدث باسم کتائب حزب الله ـ العراق، انه لولا المقاومة المدعومة من الجمهوریة الاسلامیة والتی تصدت للمشاریع الامریکیة، والعدوان على العراق، والحرب على لبنان والیمن، والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطینی، لولا هذه المقاومة لکنا الیوم عبیداً اذلاء للیهود الصهاینة بعد تحقق حلم الصهیونیة المزعوم بدولة من النیل الى الفرات . و فی معرض تقیمه لدور الجمهوریة الاسلامیة فی تغییر المعادلات الاقلیمیة، وکیف استطاع محور المقاومة التصدی للارهاب بکل اشکاله، یقول الاستاذ محمد محی: جاءت الثورة الاسلامیة فی مرحلة مفصلیة حیث کانت الاوضاع السیاسیة فی المنطقة تتجه نحو انهاء القضیة الفلسطینیة بتوقیع ما یسمى اتفاقات السلام مع الکیان الصهیونی، وخروج مصر من دائرة الصراع بتوقیعها معاهدة کامب دیفید، ولو سارت الامور کما هو مخطط لها لتم الانتهاء من صفقة استسلام الدول العربیة ورضوخها للارادة الامریکیة والصهیونیة، ولکانت فلسطین والمنطقة برمتها تحت الهیمنة الاسرائیلیة.، ولکن انتصار الثورة الاسلامیة افشل هذه المخططات واحدث زلزالا مدویاً فی المنطقة اضطرت امریکا على اثره لتغییر مخططاتها وانتقلت نحو مواجهة الثورة الاسلامیة واجهاضها ومنعها من الاستقرار. کما ان انتصار الثورة الاسلامیة اعاد الامل للشعب الفلسطینی وشعوب المنطقة بالتصدی للعدو الصهیونی وتحریر فلسطین، فتشکلت فصائل مقاومة جدیدة انتشرت على مساحة واسعة باتت تشکل طوقا خانقا حول الکیان الصهیونی. وعن دور الجمهوریة الاسلامیة فی التصدی للخطر الداعشی و محاربة الارهاب فی المنطقة، یقول الاستاذ محمد محی: کانت مرحلة داعش واحتلالها مساحات واسعة من العراق وسوریا، اخطر فصول المؤامرة الصهیوـ امیرکیة على منطقتنا، وکان یراد من هذه المؤامرة تمزیق العراق وسوریا ولبنان والاجهاز على محور المقاومة، ولولا فصائل المقاومة المنضویة فی محور المقاومة الذی تقوده الجمهوریة الاسلامیة ،ولولا الدعم الهائل والمباشر للجمهوریة الاسلامیة بالمال والرجال والسلاح والعتاد لکانت المنطقة بوضع اخر. فکان الانتصار العظیم على داعش صورة من صور العمل المشترک والانسجام الکبیر بین فصائل محور المقاومة مما ارعب المحور الصهیو امیرکی واربک حساباته. الجنرال سلیمانی تجسید حی لثقافة الثورة الاسلامیة
و من جهته یرى عضو المکتب السیاسی لحرکة الجهاد الإسلامی فی غزة، إن حرکة المقاومة الإسلامیة فی فلسطین ولبنان نجحت فی طرد إسرائیل من قطاع غزة وجنوب لبنان بفضل دعم إیران و جهود الجنرال قاسم سلیمانی، الذی جسد الثقافة و النهج الذی تبنته الثورة الاسلامیة منذ الیوم الاول لإنتصارها. و أوضح الدکتور یوسف الحساینه القیادی البارز فی حرکة الجهاد الاسلامی: بفضل دعم الثورة الإسلامیة الإیرانیة، نجحت المقاومة الإسلامیة فی لبنان فی هزیمة القوات الصهیونیة و طردها من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠، وإحباط عدوانها عام ٢٠٠٦، وتحطیم أسطورة مناعة جیش الکیان الصهیونی. و فی نظرته الى الارهاب یقول الحساینه: الإرهاب بمعناه السیاسی العمیق، هو ما تفعله أمریکا والنظام الصهیونی و الدول والکیانات والجماعات التی تتبع سیاساتها، حیث تسعى جمیعها الى تفتیت وتقسیم وإضعاف ونهب موارد المنطقة وضمان أمن اسرائیل. وعن خطورة الارهاب واهمیة الموقف الایرانی یقول الحساینه: إن الاستخدام الممنهج للإرهاب من خلال السلاح الأمریکی والنظام الصهیونی، یستهدف شعوب المنطقة ودولهم وحضاراتهم ومقدساتهم. و الجمهوریة الإسلامیة وقیادتها وضعت مکافحة “الإرهاب” الأمریکی على رأس أولویاتها، حیث یعتبرالکیان الصهیونی خط المواجهة و “الید” الأمریکیة فی المنطقة، و بالتالی عبارة ورم سرطانی لابد من استئصاله. و مضى بالقول: الجمهوریة الإسلامیة لا تکف عن محاربة “الإرهاب” المدعوم من الولایات المتحدة والنظام الصهیونی بشتى الطرق، وفی هذا الصدد لم تدخر قوى المقاومة فی المنطقة وسعا فی دعم الفلسطینیین. المقاومة التی احتضنتها الجمهوریة الاسلامیة و جندت کل إمکانیاتها کدولة وثورة لمساعدة ودعم المقاومة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة ومواجهة کیان مفتعل غاصب. و خلص للقول: ان هذا الدور الکبیر الذی تولته الجمهوریة الإسلامیة، دفع رعاة الإرهاب فی أمریکا والکیان الصهیونی وحلفائهم إلى تشدید العقوبات على الجمهوریة الإسلامیة، واغتیال الجنرال قاسم سلیمانی شهید الإسلام وفلسطین، ورفیقه الحاج أبو مهدی المهندس، لدورهم الکبیر فی احباط المخطط الارهابی فی المنطقة. لافتاً الى اهمیة جهود الشهید قاسم سلیمانی فی هذا المجال حیث استطاع سلیمانی أن ینشئ نوعًا من المقاومة المنظمة لخطط الإرهاب الموجهة من قبل الولایات المتحدة والصهاینة، لذلک عمل کمنسق لمحور المقاومة، وجعل مقاومة الولایات المتحدة وإسرائیل أولویة قصوى واستراتیجیة للمسلمین، معتبراً الکیان الصهیونی وحلفائه فی المنطقة قاعدة الإرهاب المتقدم ضد العالم الإسلامی ودول غرب آسیا. تأثیر الثورة الاسلامیة على التطورات الاقلیمیة من جهته یذکر الاستاذ الجامعی والباحث فی الشؤون الاقلیمیة والاجتماعیة الدکتور طلال عتریسی، ان الثورة الایرانیة هی ثورة ذات هویة اسلامیة ومحتوى ثقافی واستقلالی، وان الاعلام الغربی شن حملات تشویه للثورة الایرانیة لمنع الشعوب العربیة من استلهام الثورة الاسلامیة والتأثر بها. جاء ذلک فی حواره مع وکالة مهر للانباء. و فی معرض حدیثه عن تأثیر الثورة الاسلامیة على التطورات الاقلیمیة، یقول الاستاذ عتریسی: کان للثورة الاسلامیة منذ بدایاتها تأثیر کبیر واستراتیجی على التطورات الاقلیمیة؛ أولاً لان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة اخرجت نفسها من سلطة المحور الامریکی الغربی الذی کان یدعم ویؤیّد الکیان الصهیونی، (کانت طهران فی ذلک الوقت عاصمة للموساد)، و تتحول الى محور مضاد ومعادی للهیمنة الامریکیة وللاحتلال الصهیونی. وعندما تم طرد السفارة الصهیونیة من طهران واستبدالها بالسفارة الفلسطینیة،اصبحت فی مواجهة حقیقیة للوجود الصهیونی فی المنطقة، ومواجه الدعم الامریکی للوجود الصهیونی والکیان الاسرائیلی فی المنطقة، وهذا تطور اقلیمی واستراتیجی کبیر بالنسبة الى دولةٍ کانت حلیفة لحلف الناتو وللولایات المتحدة الامریکیة. و یمضی بالقول: منذ انتصار الثورة الاسلامیة الى یومنا الحالی لا تزال اوضاع المنطقة متاثرة بهذا الحدث الالهی، ومعظم التطورات التی حصلت على المستوى الاقلیمی هی نتاج مباشر وغیر مباشر لانتصار الثورة الایرانیة، فانتصار الثورة الاسلامیة ادى الى تغییر حقیقی فی الوضع الاقلیمی. فمنذ انتصار الثورة الاسلامیة الى یومنا الحالی لا تزال اوضاع المنطقة متاثرة بهذا الحدث الالهی، کذلک الحرکات الاسلامیة فی المنطقة تأثرت فی هذه الثورة واستعادت الثقة بنفسها وبدأت العمل بشکل قوی من اجل تحریر الاراضی المغتصبة وتحریر فلسطین. وهذا ایضاً تغیر کبیر على المستوى الاقلیمی.
خطاب الثورة الاسلامیة ویضیف الدکتور عتریسی: فی ظل التحول الجدید لم یعد الکیان الصهیونی یمتلک نفس القدرة على التهدید لشن الحروب، و بطبیعة الحال اعطى ثقة کبیرة لجمیع حرکات المقاومة فی المنطقة، نتیجة تأثرها بشکل کبیر بأصل خطاب الجمهوریة الاسلامیة المناهض للهمینة وللاحتلال. ذلک ان خطاب الثورة الاسلامیة کان له تاثیر کبیر على الحرکات الجهادیة والنضالیة ضد الکیان الصهیونی، وضد الهیمنة الامریکیة والغربیة على المنطقة. و یلفت الاستاذ الجامعی الى أن هذا الخطاب جوهرة البعد الاستقلالی، فعندما طرح الامام الخمینی شعار “ لا شرقیة ولا غربیة “ کان یقصد الاعتماد على الذات، والاعتماد على الهویة الاسلامیة فی جوهرها، وهی دعوة ثقافیة لاستعادة الثقة بالذات. و لا یخفى أن نجاح الثورة الاسلامیة الایرانیة اکد ان الاسلام والشعب عندما یحمل هذه العقیدة، یستطیع بان یطیح بالقوى المستبدة فی الشرق الاوسط، ویستطیع بان یطیح بواحد من اهم الجیوش فی المنطقة؛ هذا ایضاً شجّع الحرکات الجهادیة والشعبیة والقومیة على ان تقوم بمحاولات لتغییر الانظمة والحکومات والنظم الملکیة فی بلدانها. وبالتالی ان سیاسة ایران فی دعم حرکات التحرر فی المنطقة، ودعم حرکات المقاومة ضد الاحتلال الصهیونی فی فلسطین وفی لبنان، و نشر ثقافة المقاومة، حققت انجازات حقیقیة فی لبنان وفی فلسطین. مخاوف الغرب من الجمهوریة الاسلامیة و فی جانب آخر من حواره یشیر الدکتور عتریسی مخاوف الغرب من الجمهوریة الاسلامیة موضحاً: ان مخاوف الغرب من الثورة الاسلامیة تعود لاکثر من سبب؛ اولها وابرزها، هو ان الجمهوریة الاسلامیة شکّلت محوراً فی المنطقة، وشکلت معسکراً جدیداً فی المنطقة، وهو ما نسمیه الیوم بـ “ محور المقاومة “. ماذا یفعل هذا المحور؟، هذا المحور یواجه اما الحکومات التی تدعمها الولایات المتحدة الامریکیة، واما الاحتلال الصهیونی التی تدعمه امریکا. الولایات المتحدة الامریکیة فی استراتیجیتها الشرق اوسطیة تستهدف ایران، فکل الرؤساء الامریکیین منذ انتصار الثورة الاسلامیة الى یومنا الحالی لدیهم هدف مشترک وهو تطویق الجمهوریة الاسلامیة ومحاصرة واضعاف ایران لأسباب وحجج کثیرة منها، البرنامج النووی السلمی الایرانی، دعم الارهاب، الدیمقراطیة. و لا یخفى ان هذا المحور الذی تخوضه ایران وتدعمه، فی الحقیقة یواجه النفوذ الامریکی فی المنطقة، ولهذا السبب الولایات المتحدة الامریکیة فی استراتیجیتها الشرق اوسطیة تستهدف الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة. و یمضی بالقول: المسألة الثانیة التی یخاف منها الغرب هی ان تنجح الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة فی تقدیم نموذج تنموی، ثقافی، تعلیمی، عسکری، صناعی، زراعی، اخلاقی، مستقل وناجح. وهذا طبعاً یعاکس تجربة الغرب والنموذج الغربی؛ النموذج الذی یقوم على التوحش وعلى الهیمنة وعلى السیطرة وعلى اذلال الشعوب وعلى نهب الثروات. الغرب لا یستطیع تحمل هذا النموذج الاستقلالی الایرانی الناجح. وهذه فکرة اساسیة فی تأسیس الجمهوریة الاسلامیة وفی الثبات على نهجها وعلى استقامتها، لهذا السبب الغرب یتفق فی محاولة اضعاف وافشال ومحاصر الجمهوریة الاسلامیة اقتصادیا وعسکریاً وسیاسیاً لکی یقول ویثبت بقراراته ان هذا النموذج الاسلامی غیر ناجح. وبالتالی بما ان ایران لا تزال صامدة ولا تتراجع سواء فی تجربتها الذاتیة او فی سیاستها الخارجیة او فی دعم حلفائها ـ وهذا الامر یقلق الغرب ـ، فهذا یزید من الضغوط الاقتصادیة ویزید من التحریض ویزید من الاعلام وتشویه الحقائق الذی یستهدف الجمهوریة الاسلامیة. لا یمکن للغرب بان یقبل بهذه التجربة الا رغماً عنه، فهذه التجربة تمتلک قدرات عسکریة وسیاسیة ودبلوماسیة قویة تستطیع ان تدافع بها عن نفسها، وهذا ما یجعل الغرب یأتی الى الحوار وللبحث فی المصالح المشترکة. الفرق بین الثورة الاسلامیة والثورات الاخرى و یتابع الدکتور العتریسی: طبعاً هناک فرق کبیر بین الثورة الاسلامیة الایرانیة والثورات الاخرى التی حصلت فی العالم. الفارق الاول هو ان الثورة التی قامت فی ایران، تمت بدعم الشعب الایرانی وبقیادة ایرانیة دینیة تاریخیة استثنائیة هی شخصیة الامام الخمینی، الذی لم یشهد العالم له مثیل عبر التاریخ. لا الثورة الفرنسیة کانت تقودها شخصیة دینیة، بل على العکس تماماً الثورة الفرنسیة فی احد فتراتها کانت ضد الدین وضد الکنیسة وضد المسیحیة، والثورة الروسیة التی حدثت کانت ایضاً ضد الدین، وکانت ابعادها اقتصادیة وسیاسیة. بید ان الثورة الاسلامیة الایرانیة ثورة هویتها اسلامیة ومحتواها ثقافی، فالامام الخمینی لم یطرح ابعاد اقتصادیة او سیاسیة، انما اکد على البعد الثقافی والاستقلال عن الغرب، لهذا السبب بدأ الاعلام الغربی بشن حملات تشویه لهذه الثورة المبارکة العظیمة خوفاً من ان یؤدی هذا التأثر الکبیر على شعوب المنطقة بأفکار هذه الثورة النبیلة، وشن الحروب على ایران لمنع الشعوب العربیة من استلهام الثورة الاسلامیة الایرانیة والتأثر بها. لکن تأثیر الثورة الاسلامیة وصل الى کل شعوب العالم، واصبحت ایران وفکرها وثورتها جزء من المعادلة الاقلیمیة، لا یستطیع احد ان یفکر فی مستقبل المنطقة من دون الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، فاصبحت ایران جزء من الاهتمامات الدولیة والتحالفات الدولیة. فعندما نتحدث عن روسیا والصین نطرح دائماً العلاقة مع ایران، وعندما نطرح دائماً الخطط الامریکیة فی المنطقة نتحدث ایضاً عن ردة الفعل الایرانیة، ماذا ستفعل ایران؟ کیف سیکون الموقف الامریکی من الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة؟، وعندما نتحدث عن فلسطین تکون ایران حاضرة قبل الجمیع، موقف ایران من دعم فلسطین ومحاربة الکیان الصهیونی. و هکذا وبسب طبیعتها وهویتها وقیاداتها استطاعت الثورة الاسلامیة ان تصل الى معظم شعوب العالم، وان تواجه الجمهوریة الاسلامیة الیوم تحدیات کبرى اقتصادیة وعملیات تشویه اعلامیة، وعملیات تحریض من جوانب الفتن (الفتن المذهبیة)، لکی لا یحصل هذا التواصل العمیق بینها وبین شعوب المنطقة لتغییر معادلات وقطع ید التدخل الاجنبی فی المنطقة. منجزات الثورة الاسلامیة ان ابرز منجزات الثورة الاسلامیة الایرانیة على الصعیدین الداخلی والاقلیمی، وحتى على الصعید العالمی؛ هی انها نجحت الى حد کبیر فی الثبات و فی الاستمرار، وان تبقى على الرغم من العقوبات التی بدأت منذ السنة الاولى لانتصار الثورة، ونجحت فی ان تستمر وتبقى کجمهوریة اسلامیة، وان تبنی المؤسسات الاسلامیة والعلمیة والثقافیة، وهذا انجاز کبیر للجمهوریة الاسلامیة على المستوى الداخلی. طبعاً هذا الامر لیس النهایة التی تطمح لها ایران، هناک تصریحات ومواقف کثیرة لقائد الثورة عن ما تطمح الیه او عن طموحات الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة على المستوى العلمی فهی تسعى ان تکون الاولى علمیاً فی العالم، وتطمح ان تحقق الاکتفاء الذاتی على کل المستویات والاصعدة، بأن تعتمد على الاقتصاد المنتج والمثمر وأن تصبح قوة مکتفیة بذاتها عسکریاً وثقافیاً وعلمیاً. و لکن هذا لا ینفی التحدیات التی تواجه الجمهوریة الاسلامیة التی تعیش فی نفس الوقت صعوبات شدیدة بسبب النظام المالی العالمی الذی یحاصر کل العالم بسبب الضغوط الاقتصادیة الهائلة، وبسبب بعض دول الجوار التی لا تتعاون مع ایران فی هذا المجال لاضعاف هذه التجربة الالهیة. لکن عندما نرى انه خلال ٤٣ عاماً من عمر الثورة انه ما زالت ایران متمسّکة بمبادئها، ونشاهد ان معظم هذه السنوات کانت سنوات تقدم وتطور وازدهار وثبات وتمسّک بالهویة واستقلالیة هذه البلاد، وهذه نقطة فی غایة الاهمیة بالنسبة الى تجربة الجمهوریة الاسلامیة. و یخلص الدکتور العتریسی للقول: باختصار الجمهوریة الاسلامیة حققت انجازات کبرى ملحوظة یعترف بها الجمیع اقلیمیاً ودولیاً، فلا یستطیع ای حدٍ ان یفکر فی مستقبل المنطقة من دون حضور ایران، ولا یستطیع ای احد ان یأتی الى المنطقة على المستوى الدولی، او ان یکون لدیه مشاریع فی المنطقة، الا ویجب ان یفکر فی ردة فعل وموقف الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 272 تنزیل PDF: 87 |
||||