مشارکة المرأة فی الثورة الإسلامیة فی خطابات قادة الثورة | ||||
PDF (1373 K) | ||||
![]() | ||||
“من کتاب ایران، ثورة و انتصار/ د.نورالدین ابولحیة من أهم میزات الثورة الإیرانیة أنها ثورة شعبیة بامتیاز، ذلک أن المشارکین فیها لم یکونوا طرفا واحدا من أطراف الشعب، وإنما کانوا جمیع الشعب، وبجمیع شرائحه وطبقاته، ولذلک یرى من یشاهد الأشرطة الوثائقیة التی تصور الثورة الإسلامیة الحضور من کل الأصناف نساء ورجالا.. شبابا وکهولا وشیوخا.. ومن کل المستویات الاجتماعیة من الفقراء والأغنیاء، والمتعلمین وغیرهم.. وهکذا شارک الجمیع بعد الثورة فی کل القرارات المتخذة عبر الانتخابات الکثیرة التی دعا إلیها قادة الجمهوریة الإسلامیة، وفی أحلک الظروف، وکان المرشحون فیها من أفراد الشعب البسطاء، والذین وصلوا إلى کل المؤسسات من دون أن یحول بینهم وبینها أی حائل. وهنا نکتفی بالإشارة الی شهادتی إمامی الثورة الإسلامیة الإیرانیة- باعتبارهما الموجهین والمرشدین والمحرکین لکل الأحداث- حول دور المرأة ومشارکتها فی الثورة الإسلامیة. - مشارکة المرأة فی الثورة الإسلامیة عند مطالعة خطب قادة الثورة الإسلامیة الإیرانیة أو بیاناتهم المختلفة، نجد شهادات کثیرة على الدور العظیم الذی قامت به المرأة، إلى درجة اعتبارها رکنا من أرکان الثورة، وأنه لم تکن الثورة لتنجح من دونها، بل إن الإمام الخمینی یذهب إلى أبعد من ذلک، فیقول: (لو جردوا الأمم من النساء الشجاعات والمربیات للإنسان فسوف تهزم هذه الأمم وتؤول إلى الانحطاط)(۱) ولذلک وضع لها یوما خاصا بها، وبتکریمها، وهو یوم ولادة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص)، وقد قال مبینا سر هذا الاختیار: (مبارک للشعب الإیرانی العظیم، وخصوصاً النساء المحترمات، یوم المرأة المبارک، الیوم المجید لتلک الجوهرة اللامعة التی کانت على الأساس للفضائل الإنسانیة والقیم العالیة لخلافة الله فی العالم)(۲) وفی خطبة له بتلک المناسبة فی سنة الانتصار بتاریخ ۲۰ جمادى الثانیة ۱۳۹۹ هـ قال مخاطبا النساء:(یوم عظیم واجتماع کبیر ومحل مبارک، یوم ولادة الزهراء المرضیة، یوم المرأة. یوم انتصار المرأة، ویوم المرأة القدوة فی العالم.. إن للمرأة دوراً کبیراً فی المجتمع. المرأة هی مظهر تحقق آمال البشر، المرأة تربی جمعاً غفیراً من النساء والرجال العظماء.. یوم عظیم، الیوم ولادة امرأة تعدل جمیع الرجال، امرأة نموذج للإنسان، امرأة تجلت فیها کل الحقیقة الإنسانیة. إذا الیوم یوم عظیم. أنه یومکن أیتها النساء)(۳) ثم ذکر الأدوار الثوریة للمرأة الإیرانیة، فقال: (لقد أثبتت النساء فی عصرنا أنهن تعدلن الرجال فی الجهاد بل متقدمات علیهم.. إن نساء إیران جاهدن جهاداً إنسانیاً عظیماً، وکذلک جاهدن جهاداً مالیاً کبیراً.. إن هذه الطبقة المحترمة من النساء من أبناء جنوب طهران ومدینة قم وبقیة المدن، هذه السیدات المحجبات، هذه المؤمنات اللاتی یمثلن مظهر العفاف، کنّ سابقات فی النهضة فی الإیثار بالمال أیضاً.. لقد آثرن المستضعفین بمجوهراتهن وحلیّهن)(۴) ولم تقتصر مشارکتهن على ذلک، بل یذکر الإمام الخمینی أن (مشارکتهن فی النهضة أعظم من قیمة أعمال الرجال، لقد خرجن بجلابیب العفاف، واتحدت أصواتهن مع الرجال وحققن النصر، وقدّمن الآن للمستضعفین وبنیة خالصة ما ادخرنه فی أیام عمرهن.. إن لهذا قیمة، إن الأغنیاء لو دفعوا الملایین لما کانت قیمتها کهذه) (۵) وقال فی خطاب آخر فی نفس المناسبة ـ ردا على أولئک الذین یتصورون أن المرأة التی قامت بالثورة هی المرأة المتحررة من القیم، لا الملتزمة بها ـ: (لقد رأینا أن العضو الفعّال الذی یمکنه العمل، والذی عمل لهذه الثورة وخدمها، هو أنتن [یقصد النساء الملتزمات].. أنتن اللاتی نـزلتن إلى الشوارع بهذا الوضع الذی أنتن علیه الآن وسرتن بالثورة قدماً.. أما اللاتی تربین على ثقافة النظام المباد، وساهمن فی هذه الثورة، فهن اللاتی کان لهن وضع یشبه وضعکن. أما البقیة اللواتی تمت تربیتهن بذلک الشکل فلم یکن لهن اهتمام بهذه المسائل. کما أن بعض الرجال أیضاً لم یکن لهم دور أبدا فی هذه الثورة. وقد جاءوا الآن للاستیلاء على الغنائم. الآن وقد قامت هذه الطبقة المستضعفة، الطبقة التی یعتبرها الآخرون ضعیفة وقد کانت قویة بحمد الله، الطبقة التی یسمیها هؤلاء بالطبقة الثالثة ـ وفی حقیقتها هی الطبقة الأولى وهم الطبقة الثالثة لجهنم بل السابعة ـ قامت هذه الطبقة بالعمل من أجل خدمة البلد، وحطمت السد الکبیر وفتحت الطریق. فتدفق الآن السادة من أمریکا وأروبا إلى هنا للاستحواذ على الغنائم. بعض النساء اللاتی لم یکن لهن دور أصلًا فی هذه الأحداث أتین الآن لجنی الثمار.. أما أنتن فلا یوجد لدیکن أیة توقعات، حفظکن الله ومنّ علیکن بالسعادة، لقد کنتن خدم الإسلام، وکذلک الآن ولم تطالبن بشیء. لقد قمتن بالخدمة، وستقمن بها فی المستقبل)(۶) وقال ردا على المغرضین الذین یتصورون أن وضع المرأة الإیرانیة فی عهد الشاه کان أفضل منه بعد انتصار الثورة: (إن المرأة قد ظلمت فی مرحلتین، الأولى فی الجاهلیة، فالمرأة کانت فی الجاهلیة مظلومة، وقد منّ الإسلام على الإنسان بأن أنقذ المرأة من تلک المظلومیة التی کانت تحت وطأتها.. والمرحلة الثانیة لظلم المرأة کانت فی إیران فی عهد الشاه الأب والشاه الابن، حیث ظلمت المرأة تحت شعار تحریر المرأة.. لقد أسقطوا المرأة من المقام العزیز والشریف الذی کان لها، أسقطوها من ذلک المقام المعنوی وجعلوها سلعة من جملة السلع، وباسم الحریة، حریة النساء وحریة الرجال، سلبوا الحریة من الرجل والمرأة.. لقد أفسدوا أخلاق نساءنا وشبابنا.. لقد کان الشاه یرى بضرورة أن تحتل المرأة مکانها کـ (ساحرة).. طبعاً کان ینظر للمرأة بتلک العین الحیوانیة التی کانت له، بتلک النظرة المادیة الوضیعة، یجب أن تکون ساحرة.. لقد أسقط المرأة من مقام الإنسانیة إلى مرتبة حیوان، لقد أنـزل المرأة من مقامها بحجة أنه یرید إعطاء مقام لها.. لقد جعل من المرأة دمیة فی حین أن المرأة إنسان، بل إنسان عظیم، المرأة مربیّة للمجتمع.. المرأة مربیّة للإنسان.. سعادة وشقاء الدول رهن وجود المرأة، فالمرأة بتربیتها الصحیحة تصنع الإنسان، وبتربیتها الصحیحة تحیی المجتمع.. والمرأة یجب أن تکون مبدأ جمیع السعادات)(۷) ثم ذکر دور المرأة الملتزمة فی الثورة والتحریر والنصر، فقال: (لقد شاهدتم وشاهدنا نحن ماذا صنعت المرأة فی هذه الثورة. لقد شاهد التاریخ أیة نساء کُنَّ فی الدنیا، ومن هی المرأة.. وقد رأینا أیة نساء ربّاهنَّ الإسلام، أیة نساء ثرن فی هذا العصر، إن اللاتی نهضن وساهمن فی الثورة هن النساء المحجبات فی جنوب المدینة وفی قم وبقیة المناطق.. أما اللاتی نشأن فی ظل الثقافة الشاهنشاهیة، فلم یکن لهن دور أبدا فی هذه النهضة، لقد تم تربیتهن تربیة فاسدة وأبعدوهن عن التربیة الإسلامیة، وأما اللاتی تربین بتربیة إسلامیة فهنّ اللاتی قدّمْنَ الدماء، قدّمن القتلى، تدفقن إلى الشوارع، وحققن النصر للثورة.. إننا نعتبر نهضتنا مدینة للنساء.. کان الرجال ینـزلون إلى الشوارع تبعاً للنساء.. کانت النساء تشجع الرجال، کانت النساء فی الصفوف الإمامیة.. المرأة موجود بهذا المستوى تستطیع أن تحطم قوة شیطانیة)(۸).. وهکذا نرى الإمام الخامنئی یشهد للمرأة بمشارکتها الفعالة فی الثورة، وکونها سببا کبیرا من أسباب انتصارها، وأنها لها الحق لذلک فی أن تنال جمیع حقوقها التی طالبت بها، ومن تلک الخطابات قوله: (لقد باتت المرأة الإیرانیة تخطو فی مسار ممیّز ببرکة الثورة الإسلامیة.. المرأة الإیرانیة قادرة الیوم على الدخول فی میدان العلم وقطع أشواط فی الحقول العلمیّة مع حفاظها على دین، عفّة، تقوى، وقار، رصانة، شخصیة وحرمة المرأة المسلمة أیضاً. کما أنّ المرأة باتت قادرة أیضاً على الدخول فی میدان العلوم والمعارف الدینیّة دون أن یقف بوجهها أیّ حاجز.. المرأة فی بلادنا قادرة الیوم على إبراز شخصیّتها مع حفاظها على رصانتها ووقارها وحجابها الإسلامی فی میدان السیاسة والفعالیات السیاسیة والاجتماعیة والجهادیة ومدّ ید العون للشعب والثورة والمشارکة فی مختلف الساحات)(۹) ثم قارن بین وضع المرأة بعد الثورة الإسلامیة، وقبلها، فقال: (فی النّظام السّابق، مع کون کثیر من النساء أمیّات ولا یدرکن شیئاً من القضایا الاجتماعیة ـ أی أنّهم لم یکونوا لیسمحوا لهنّ بالتعرّف على أیّ شیء ـ وقد کنّ أیضاً لا یبالین بمصیر البلاد ولم یکنّ یدرکن أبداً أنّ المرأة یمکن لها أن یکون لها تأثیر على مصیر البلاد، مع وجود هذه الأمور من حیث الظاهر، کنّ شبه أوروبیّات وفی بعض الأحیان کنّ تخطّین حالة النساء الغربیّات والأوروبیّات وکان من یراهنّ یظنّ أنّ هذه المرأة قد قدمت من بلد أوروبی ومن بیئة غربیّة إلى إیران؛ لکن عندما کنت تحدّثها قلیلاً، کنت ترى أنّها امرأة غیر مثقّفة أو تملک مستوى متدنّیاً من الثقافة، کانوا یجبرون المرأة على صناعة شخصیّة وهمیّة لنفسها من خلال إبراز نفسها وجذب العیون نحوها. لقد کان هذا انحطاطاً للمرأة ولم یکن تقدّماً. هل تمّ ارتکاب جریمة أعظم من هذه بحقّ المرأة بأن یقوموا بإشغال فکرها بالزینة والموضة والتفاخر والملابس والذهب ویجعلوا منها وسیلة یُستفاد منها فی بلوغ العدید من الغایات وأن لا یسمحوا لها بدخول میدان السیاسة والأخلاق والتربیة؟ هذا ما کان یتمّ تنفیذه فی النظام السابق بدقّة وتخطیط) (۰۱) أما بعد الثورة الإسلامیة، فقد تغیر الوضع تماما ـ کما یذکر الإمام الخامنئی ـ حیث (جاءت الثورة وغیّرت نمط تعامل النساء وتوجّهات نساء بلادنا مئة وثمانین درجة؛ أی تمّت إدارة الظهر لتلک التوجهات والسیر فی اتجاه النور والنموّ والإدراک العلمی والأخلاقی والسیاسی والمشارکة. الهوامش والمصادر (۱) من حدیث فی جمع من نساء قم، بتاریخ ۶/ ۳/۱۹۷۹، المرأة فی فکر الإمام الخمینی (ص: ۵) (۲) الکلمات القصار صفحة ۲۸۵.. (۳) صحیفة الإمام، ج۷، ص: ۲۵۵. (۴) المرجع السابق، ج۷، ص: ۲۵۵. (۵) المرجع السابق، ج۷، ص: ۲۵۵. (۶) المرجع السابق، ج۷، ص: ۲۴۸. (۷) المرجع السابق، ج۷، ص: ۲۵۱. (۸) المرجع السابق، ج۷، ص: ۲۵۲. (۹) خطاب للإمام الخامنئی بتاریخ ١٦/١/١٩٩٠. (۱۰) المرجع السابق. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 289 تنزیل PDF: 126 |
||||