الحجاب: مدخل لتوعیة المرأة بدورها ومکانتها فی المجتمع | ||||
PDF (680 K) | ||||
![]() | ||||
بقلم امیرة برغل - -لبنان إن أهم السبل الآیلة لتوعیة المرأة بدورها ومکانتها الأساسیة فی المجتمع تکمن فی معرفتها : أولاً : بقدرها کإنسانة مستخلفة من قبل الله عز وجل فی الأرض. وثانیاً: بدورها کإنسانة أنثى وبأهمیة هذا الدور فی مشروع الإستخلاف الإلهی. وذلک لأن القیمة الوجودیة لکل إنسان عند الله، ذکراً کان أو أنثى، تتحدد بقدرإسهامه فی صناعة ودیمومة مجتمع الإستخلاف الإلهی، المجتمع الذی یتم فی کنفه توفیر أفضل الظروف لتطویر الحیاة البشریة وتحضُّرها وترشید الإنسان وتکامله. ولأهمیة معرفة المرأة بمکانتها الوجودیة وأثر ذلک على آدائها فی الحیاة، اعتنى الإسلام بتعریفها بها. فالمرأة، بحسب النصوص القرآنیة والثابت من السنة النبویة الشریفة، تشارک الرجل فی شرف دور خلافة الله على وجه الأرض ، وصنو له فی القیمة الإنسانیة، وتتمتع بکامل الحقوق التی أقرها الله عز وجل لخلیفته فی الأرض، من حق الحیاة والکرامة والعلم والعمل وحریة الرأی والمشارکة السیاسیة...ف”..الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَ یُطِیعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِکَ سَیَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ (التوبة:٧١) وأما بخصوص أهمیة دورها الأنثوی فی الحیاة، فلا خلاف بین الغالبیة العظمى من علماء المسلمین، على عظیم قدْر الدور الفطری، الذی أوکله الله للمرأة، وأهمیته فی حفظ المجتمع ودیمومته. هذا الدور، إن لم یکن أجلُّ من غیره من الأدوار الأساسیة لحفظ الوجود واستمراریته، فهو لا یقل أهمیة عنها. یقول الإمام الخمینی(قدس): “دور المرأة فی المجتمع أسمى من دور الرجل. لأن النساء فضلًا عن کونهن فئة نشیطة فی جمیع النواحی، فإنهن یربین الفئات الفعالة الأخرى فی أحضانهن. خدمة الأم للمجتمع أعلى من خدمة المعلم وهی أعلى من خدمة أی شخص آخر وهذا هو ما کان یریده الأنبیاء. الأنبیاء کانوا یریدون أن تکون النساء فئة تربی المجتمع وأن تقدم للمجتمع نساء ورجالًا أبطالًا.” (صحیفة الامام، ج١٤، ص١٥٧). ویقارن د محمد خامنئی فی کتابه القیّم “فلسفة الأنوثة: مدخل لحقوق المرأة فی الإسلام” بین الدور الأساسی للمرأة والرجل فی الوجود، فیرى فی أن الله قد أوکل إلى ، الإنسان الأنثى، دور صناعة البشر، فی مقابل دور بناء الحجر، الذی أوکله الله إلى الإنسان الذکر، فی عملیة تکاملیة رائعة تؤدی إلى سکینة نفسیهما وسعادتهما، من جهة، وإلى استقرار الحیاة البشریة ودیمومتها، من جهة أخرى. وإذا کان الإنسان هو التجلی الأعظم لخالقه فی الوجود، فإن الدور الإنجابی والتربوی الذی أوکله الله للإنسان الأنثى فی الحیاة الدنیا، اقتضى أن یأتی تکوین المرأة، جسدیاً ونفسیاً، بالکیفیة التی تجعلها مظهراً لجمال الله سبحانه وتعالى، فی مقابل الإنسان الذکر، الذی أراده الله مظهراً لجلاله ، کما یعبر أیة الله الآملی فی کتابه القیِّم “جمال المرأة وجلالها”. ولأن الجمال یجذب الآخرین إلیه، کان لا بد من حمایة من یمتلکه - حمایته ممن یرید أن یحرف مساره الإنسانی لیستحوذ علیه من دون وجه حق - وحمایته من نفسه الأمارة بالسوء، التی ترید أن تستحوذ على الآخرین من دون وجه حق من هذا المنطلق نفهم فلسفة الحجاب فی الإسلام فالحجاب لیس دعوة لاحتجاب المرأة بقدر ما أنه دلیل على ضرورة تفعیل حضورها الاجتماعی ولیس انتقاصاً من دورها الإنسانی بل تکریثاً لقدْره وأهمیته ولیس تضیقاً وحجزاً لحریتها بل تضیقاً على من یرید التعدی على حریتها. وهو بذلک یشکل الدرع الواقی للمرأة من أی استغلال غیر مشروع لجمالها أو أی مصادرة لإنسانیتها أو أی حرفٍ لها عن دورها الأساسی فی مشروع الإستخلاف الإلهی. ویشکل أیضاً درعاً واقیاً للمجتمع یحمی أفراده من الوقوع فی العلاقات المحرمة واختلاط الأنساب وتفکک الأسر وهدر الأوقات والأموال فیما لیس فیه صلاح وارتقاء للنفس البشریة. لذا، فالحجاب فی نظرنا، هو المدخل العملی لتوعیة المرأة بدورها ومکانتها فی المجتمع وأنه بمثابة شعار ثوری لا بد منه من أجل الدعوة لقیام حکومة العدالة الإلهیة فی الأرض وسیادة القیم الإنسانیة بین أفرادها وأن من ترتدیه من النساء، بشرطه وشروطه، وعن اختیار وقناعة، هی من علمت بأهمیة هذه الفریضة فی توکید مکانتها وحفظ قدْرها کإنسان أنثى فی الوجود. وأن التزام المرأة به عمل جهادی لا یقل قداسة عن بذل الشهید لدمه ولذلک کان من أجمل وأدق شعارات الثورة الإسلامیة فی إیران مع بدایة انطلاقتها: “دم الشهید ینادی حجابک اختاه اغلى من دمی” | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 283 تنزیل PDF: 128 |
||||