استراتیجیة التلاحم و الغد المشرق | ||||
PDF (1330 K) | ||||
![]() | ||||
بسم الله الرحمن الرحیم السلام على أحرار العرب جمیعاً وخاصة الشباب منهم، والسلام على الشعب الفلسطینی المقاوم، وعلى المقدسیین المرابطین فی المسجد الأقصى. السلام على شهداء المقاومة وعلى رعیل المجاهدین الذین ضحّوا بحیاتهم على هذا الطریق، وأخصّ بالذکر الشهید الشیخ أحمد یاسین، والشهید السید عباس الموسوی، والشهید فتحی الشقاقی، والشهید عماد مغنیة، والشهید عبد العزیز الرنتیسی، والشهید أبا مهدی المهندس، ثم القامة الرفیعة لشهداء المقاومة الشهید قاسم سلیمانی... فکلّ واحد من هؤلاء بعد حیاتهم المعطاءة المبارکة قد ترک بشهادته آثاراً مهمة فی بیئة المقاومة . إنّ مجاهدات الفلسطینیین والدماء الطاهرة لشهداء المقاومة استطاعت أن تحافظَ على هذه الرایة المبارکة مرفوعة، وأن تُضاعف مئات المرات القدرة الذاتیة للجهاد الفلسطینی. الشابّ الفلسطینی کان یدافع عن نفسه یوماً بالحجارة، والیوم فإنه یردّ على العدوّ بإطلاق الصواریخ الدّقیقة . فلسطین والقدس ورد ذکرهما فی القرآن الکریم باسم «الأرض المقدّسة».ومنذ عشراتِ السنین وهذه الأرض الطاهرة تَقبَعُ تحت وطأة أکثر أبناء البشر رِجساً وخُبثاً. هؤلاء الشیاطین الذین یسفکون دماء الشرفاء ثم یعترفون بذلک ویُقرّون بکل وقاحة، إنهم عنصریون مارسوا القتلَ والنهب والسجنَ والتعذیب ضدّ أصحاب الأرض منذ أکثر من سبعین عاماً، لکنهم ولله الحمد لم یستطیعوا أن یکسروا إرادتهم. إنّ فلسطین حیّةٌ، وهی تواصل جهادَها، وستستطیع بعون الله فی النهایة أن تهزمَ العدوَّ الخبیث. القدسُ الشریف وفلسطین کلّ فلسطین هی للشعب الفلسطینی، وستعود إلیهم إن شاء الله، وما ذلک على الله بعزیز. الحکومات والشعوب المسلمة بأجمعها تتحمّل إزاءَ القضیة الفلسطینیة واجباً وعلیها مسؤولیة، لکن محورَ هذه المجاهَدة هم الفلسطینیّون أنفسهم، وهم أربعة عشر ملیوناً داخل الأرض المحتلة وخارجَها. والعزیمةُ الموحّدة لهذه الملایین من شأنها أن تحقّق إنجازاً عظیما. إنّ الوحدةَ الیوم هی أعظمُ سلاحِ الفلسطینیین . أعداءُ وحدةِ الفلسطینیین هم الکیان الصهیونی وأمریکا وبعض القوى السیاسیة الأخرى، ولکن هذه الوحدةَ إن لم تتصدّع من داخل المجتمع الفلسطینی فإن الأعداء الخارجیین سوف لن یکونوا قادرین على فعل شیء. ومحورَ هذه الوحدة یجب أن یکون الجهادُ الداخلی وعدمُ الثقة بالأعداء. والسیاسات الفلسطینیّة ینبغی أن لا تعتمد على العدو الأساس للفلسطینیین أی أمریکا والإنجلیز والصهاینة الخبثاء. الفلسطینیون، سواء فی غزة أم فی القدس أم فی الضفة الغربیة ، وسواء کانوا فی أراضی ألف وتسعمائة وثمانیة وأربعین أو فی المخیّمات، یشکلون بأجمعهم جسداً واحداً، وینبغی أن یتّجهوا إلى استراتیجیة التلاحم، بحیث یدافعُ کلُّ قطاعٍ عن القطاعات الأخرى، وأن یستفیدوا حینَ الضغطِ على تلک القطاعات من کلّ ما لدیهم من مُعدّات . إنّ الأمل فی النصر الیوم هو أکثر مما مضى. موازینُ القوى تغیّرت بقوّةٍ لصالح الفلسطینیین. العدوّ الصهیونی یهبط إلى الضُعف عاماً بعد عام، وجیشُه الذی کان یقول عنه إنّه “الجیش الذی لا یُقهر” هو الیومَ بعد تجربةِ الثلاثة والثلاثین یوماً فی لبنان، وتجربة الإثنین وعشرین یوماً وتجربة الأیام الثمانیة فی غزّة، قد تبدّل إلى “جیشٍ لن یذوقَ طعم الانتصار”. هذا الکیان المتبجّح فی وضعه السیاسی قد اضطُرّ خلال عامین إلى إجراء أربعةِ انتخابات، وفی وضعهِ الأمنی بعد هزائمه المتلاحقةِ ورغبةِ الیهودِ المتزایدةِ فی الهجرة العکسیّة یشهد فضیحةً تلو فَضیحة . إن الجهود المتواصلة التی بذلها بمساعدة أمریکا للتطبیع مع بعض البلدان العربیّة هی ذاتها مؤشّر على ضعفِ هذا الکیان. وطبعاً سوف لا تجدیه نفعاً. فإنّه أقام قبل عشرات السنین علاقات مع مصر، ولکن منذ ذلک الوقت حتّى الآن والعدوّ الصهیونی أکثر ضعفاً وأکثر تصدُّعاً. تُرى مع کلّ هذا، هل إنّ العلاقاتِ مع عددٍ من الحکوماتِ الضعیفةِ والحقیرة قادرةٌ على أن تنفعه؟! بل تلک الحکومات بدورها سوف لن تنتفعَ من هذه العلاقات، فالعدوّ الصّهیونی سوف یعیثُ فساداً فی أرضهم وأموالهم وأمنهم . إنّ هذه الحقائق یجب أن لا تجعل الآخرین یغفلون عن مسؤولیتهم الجسیمة إزاء هذا التحرّک. فالعُلماء المسلمون والمسیحیّون یجب أن یُعلنوا أنّ التطبیع حرامٌ شرعاً، وأن یَنهض المثقفون والأحرار بشرح نتائج هذه الخیانة التی تُشکّل طعنةً فی ظهر فلسطین إلى الجمیع. وفی المقابل فإن العدّ التنازلی للکیان الصهیونی، وتصاعد قدرات جبهةِ المقاومة، وتزایدَ إمکاناتها الدفاعیّة والعسکریّة، وبلوغَ الاکتفاء الذاتی فی تصنیع الأسلحة المؤثّرة، وتصاعدَ الثقة بالنفس لدى المجاهدین، وانتشار الوعی الذاتی لدى الشباب واتساعَ دائرةِ المقاومة فی جمیع أرجاء الأرض الفلسطینیّة وخارجَها، والهبّة الأخیرة للشباب الفلسطینی دفاعاً عن المسجد الأقصى، وانعکاس أصداء جهاد الشعب الفلسطینی ومظلومیّته فی آنٍ واحد لدى الرأی العام فی کثیر من بقاع العالم.. کلّها تُبشّر بغدٍ مُشرق . إنّ منطق النضال الفلسطینی والذی سجّلته الجمهوریّة الإسلامیّة الإیرانیة فی وثائق الأمم المتحدةِ،هو منطقٌ راقٍ وتقدّمی. المناضلون الفلسطینیون یستطیعون بموجبه إجراء استفتاء بین السُکّان الأصلیین لفلسطین. وهذا الاستفتاء یُعیّن النظامَ السیاسی للبلد، وسیُشارک فیه السکان الأصلیّون، من کلِ القومیّات والأدیان، ومنهم المشردون الفلسطینیون. والنظام الجدید یعیدُ المُشردین إلى الداخل ویَبُتُّ فی مصیر الأجانب المستوطنین . إنّ هذا المشروع یقوم على قاعدة الدیمقراطیّة الرائجة المعتَرَف بها فی العالم، ولا یستطیع أحد أن یُشکّک فی رقیّه ونَجاعَته . المُجاهدون الفلسطینیون یجب أن یواصلوا باقتدارٍ نضالَهم المشروعَ والأخلاقی ضدّ الکیان الغاصب حتّى یرضَخَ هذا الکیان لقبول هذا الاستحقاق . تحرّکوا باسم الله إلى الأمام واعلموا أنّه ( وَلَیَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن یَنصُرُه ) . والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 258 تنزیل PDF: 113 |
||||