العقـد الثـامـن وزوال ‘إســـرائـــیــــل’.. هواجس الدمار تلاحق قادة الاحتلال | ||||
PDF (2649 K) | ||||
علی العبیدی : السفیر اللیبی فی طهران منذ ٧٥ عاماً وجد کیان غریب فی قلب العالم العربی أطلق علیه اسم ‘إسرائیل’ هذا الکیان أرید له أن یکون دولة لیهود العالم فی ١٤ من مایو لعام ١٩٤٨؛ فاجتمعوا کلهم بهذا المسمى، وظنوا أن باجتماعهم هذا ستکون لهم الغلبة، ولکنهم اکتشفوا الآن أن هذا الاجتماع لم یکن إلا سبباً من أسباب هزیمتهم فکیف هذا؟ هواجس الزوال والدمار تلاحق کیان الاحتلال الإسرائیلی ومفکریه، وکان آخرهم الرئیس السابق لجهاز الأمن العام فی الکیان (الشاباک) یوفال دیسکین، الذی قال إن الکیان على وشک أن تندلع فیه حرب أهلیة فی غضون الأسابیع القلیلة المقبلة، إذ تزامنت هذه التصریحات مع احتجاجات واسعة شهدها الکیان، شارک فیها الآلاف، وهذه الاحتجاجات بسبب الصراع بین الطبقة الحاکمة المتطرفة فی کیان الاحتلال، والمستوطنین الذین یریدون أن یتظاهروا بالاعتدال، والخلافات بین الجانبین هی بسبب ملفات القضاء ومحاسبة الفاسدین ومنهم رئیس الحکومة بنیامین نتنیاهو الذی تلاحقه تهم الفساد. هذه التصریحات تتقاطع مع ما قاله البروفیسور دانیال کانمان الباحث الإسرائیلی والحاصل على جائزة نوبل فی الاقتصاد، الذی قال إنه قلق من زوال کیان الاحتلال أکثر مما کان فی حرب عام ١٩٧٣، إذ أشار إلى أنه یخاف من الانقلاب القضائی، فی إشارة إلى خطة تدفعها حکومة نتنیاهو المتطرفة لتنفیذ إصلاحات على نظام القضاء، وهو ما یتقاطع مع ما صرح به وزیر حرب الاحتلال بینی غانتس، الذی سبق وعبّر عن مخاوفه الوجودیة على مستقبل ‘إسرائیل’، وقال إنّ هناک مخاوف من سیطرة الفلسطینیین على ‘إسرائیل’ فی المستقبل القریب، وأن الدولة الیهودیة ستتقلص فی السنوات المقبلة لتصبح ما بین مستوطنة غدیرا والخضیرة. وذلک بالإضافة إلى مقالة نشرت لرئیس حکومة الاحتلال السابق إیهود باراک، الذی شغل أیضاً مناصب علیا، بینها رئاسة الأرکان فی جیش الاحتلال، وأثار فیها قلقاً کبیراً مما سمّاها (لعنة العقد الثامن) التی عاشتها الممالک الیهودیة السابقة، وقد تطیح بدولة الاحتلال فی السنوات القریبة، هذه الأمور لیست ولیدة اللحظة بل هی نتیجة تراکمات کثیرة فی الأراضی المحتلة، أهمها مشروعیة الوجود الفلسطینی، وبالتالی کل من یعیش فی ‘إسرائیل’ یعلم کل العلم أنّ وجوده آنی ولیس أبدیاً، وما قاله هذان المسؤولان لیس من فراغ بل هو مزروع فی وجدان الإسرائیلیین جمیعهم ویظهر دائماً فی تحرکاتهم مثلاً: قبل مدة قُتل جندی إسرائیلی برصاص جندی آخر فی طولکرم، لأنّ الأول خرج من المحرس وعندما عاد ظن زمیله أنّه فلسطینی وعلى الفور أطلق النار علیه، إن هذه الواقعة تدل على أمر مهم جداً وهو عقیدة الخوف من أیّ شیء فلسطینی، وهو أمر صوِّر لیکون أسلوب حیاة، فعندما تصدر جامعة تل أبیب قراراً بمنع رفع الفلسطینیین الذین یدرسون فیها علم بلادهم، هذا یجعلک تعلم أنّ أربعة ألوان کفیلة بجعل جامعة کاملة ترتجف خوفاً منها. خصوصاً وأنّ الفلسطینیین الذین یعیشون فی الأراضی المحتلة عام ١٩٤٨ تغلغلوا فی المجتمع الإسرائیلی، وشکلوا قوة حقیقیة فیه، قوة یمکنها أن تکون الثغرة التی قد تعبر منها المقاومة إلى تلک المناطق إن ‘أرادت’. یتکون المجتمع الإسرائیلی من قومیات عدة وفی رأسها الیهود ‘الأشکناز’ الذین قدموا من أوروبا الشرقیة وسیطروا على الکیان سیطرة کاملة وتولوا مقالید الحکم، ومُثِّلوا لاحقاً بحزب العمل، وهنا عمل هذا التیار على إدخال العلمانیة بطریقة ما إلى کیان الاحتلال وخلق نوعاً من التزاوج بینهما، إلا أن ذلک لم یعجب التیار المتطرف من الیهود الذین أجرى انقلاباً سیاسیاً عام ١٩٧٧ إثر فوز حزب اللیکود الیمینی المتطرف بالانتخابات، وهذا جعل المتطرفین الیهود یحکمون البلاد بوجه ما یسمون أنفسهم بالعلمانیین، فباتت أحیاء بأکملها فی القدس المحتلة والمدن الفلسطینیة المحتلة الأخرى تخضع لسیطرة المتطرفین وخارجة عن نطاق دولة الاحتلال. ومن هنا بدأت مرحلة جدیدة فی تاریخ هذا الکیان من ناحیة التغیر فی الترکیب الاجتماعی وطبقاته وفی علاقة الجماعات المختلفة بعضها ببعض أو علاقتها بالدولة. الصراعات والانقسامات الداخلیة فی المجتمع الإسرائیلی تؤدی إلى خلخلة الوضع خلخلة دائمة، هذا المجتمع یعانی من انقسامات داخلیة عدة، خاصةً فی ظل قرب اختفاء الیسار الإسرائیلی من الساحة السیاسیة إذ إنه یمثل العلمانیة للیهود. وذلک بعد أن ظهرت بوادر تحول النظام السیاسی إلى نظام یمینی عنصری؛ فموجة العنصریة والتعصب أصابت مفاصل مهمة فی المجتمع الإسرائیلی، سواء بالفتاوى الدینیة أم بالقرارات والقوانین الحکومیة. المجتمع فی کیان الاحتلال یعانی من أزمة هویة حقیقیة، لأنه یحاول الاهتمام بالمهاجرین اهتماماً کبیراً، لیکونوا مصدر شرعیة له بالخارج، لکن الیهود الذین یعیشون داخل کیان الاحتلال، یکونون دائماً مستعدین للهجرة منه إن وجد أی تهدید علیهم ولو صاروخ سقط فی منطقة مفتوحة أو ترابیة. لذلک من یتابع قنوات الاحتلال التلفزیونیة ومواقعه الإلکترونیة یرى أن هناک إعلانات دائمة تروج لإجراء سیاحة فی فلسطین المحتلة بدلاً من الذهاب إلى أوروبا، أو وضع تسهیلات کبیرة للیهود المقیمین فی الولایات المتحدة وأوروبا للقدوم إلى فلسطین المحتلة،وهذا یؤکد أن هناک أزمة کبیرة تضرب فی صمیم المجتمع الإسرائیلی. وفقاعة الأمان التی حاول الاحتلال الإسرائیلی إیجادها والاحتماء داخلها منذ عام ٢٠١١ هو أول من بدأ ثقبها، وبذلک تناثرت هذه الفقاعة وانتهاء وجودها حتمیّ باعتراف قادة الکیان، وبدأت عملیات المقاومة الفلسطینیة تثبت لنا جمیعنا أن الکیان هش جداً وهو أضعف من أن یحمی بعوضة بل وأوهن من بیت العنکبوت، وبسبب هشاشته وحتمیة زواله بأیدی قادته بدأت هجرة عکسیة فی کیان الاحتلال نحو أوروبا والولایات المتحدة. ربما تلجأ حکومة الاحتلال إلى تصدیر أزمتها بطرق عدة مثلاً باستفزاز إیران للدخول فی مواجهة عسکریة معها، وبالتالی یُغلق الملف الداخلی الإسرائیلی لمرحلة من الزمن، أو التصعید بحق الفلسطینیین خصوصاً فی شهر رمضان المبارک، وزیادة اقتحامات المسجد الأقصى المبارک، وبالتالی یشتبک المقدسیون وجیش الاحتلال وهذا سیدفع المقاومة فی قطاع غزّة للدخول إلى الخط وردع جیش الاحتلال، ولکن هذه السیناریوهات جمیعها لن تفید لأن المجتمع الصهیونی یعی تماماً حجم الأزمة التی یعانی منها والانفجار الداخلی لیس ببعید. المصدر: موقع العالم | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 208 تنزیل PDF: 126 |
||||