طوفان الأقصى فی الأراضی المحتلة... | ||||
PDF (417 K) | ||||
بینما ترددت فی الأسابیع الأخیرة داخل الأوساط الصهیونیة والغربیة أنباء عن تطبیع العلاقات بین السعودیة والکیان الصهیونی، وأشارت التقاریر إلى أن توقیع التسویة أصبح وشیکاً، انقلبت فجأةً اللعبة رأساً على عقب، وحوّلت مجموعات المقاومة، بعملیة مفاجئة ضد المحتلین، الأنظار إلى اتجاه آخر. رداً على جرائم الکیان الصهیونی فی الضفة الغربیة وتدنیس باحات المسجد الأقصى، بدأت فصائل المقاومة الفلسطینیة فی غزة، السبت، عملیة واسعة النطاق ضد الأراضی المحتلة لمحاسبة الکیان. وقال محمد الضیف، قائد کتائب القسام، الجناح العسکری لحرکة حماس، فی کلمة له: «نعلن بدء عملیة طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى والتی استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصیناته العسکریة قد تجاوزت ٥ آلاف صاروخ وقذیفة، قیادة «القسام» قررت وضع حد لکل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذی یعربد فیه دون محاسب». وأکد محمد الضیف: «العدو دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول محمد، واعتدى على المرابطات، وسبق وأن حذرناه من قبل، الاحتلال ارتکب مئات المجازر بحق المدنیین، والیوم یتفجر غضب الأقصى، وغضب أمتنا، ومجاهدونا الأبرار، وهذا یومکم لتفهموا العدو أن زمنه قد انتهى». ثم دعا قائد القسام إلى الجهاد ضد الصهاینة، وقال: «بدءًا من الیوم ینتهی التنسیق الأمنی، وکل من عنده بندقیة فلیخرجها فقد آن أوانها، ابدؤوا بالزحف الآن نحو فلسطین، ولا تجعلوا حدوداً ولا أنظمةً ولا قیودًا تحرمکم شرف الجهاد والمشارکة فی تحریر المسجد الأقصى». وکانت عملیات مجموعات المقاومة شرسةً للغایة، لدرجة أن الصهاینة اعترفوا بها أیضًا، ونقلت إذاعة الکیان الإسرائیلی عن المتحدث باسم الجیش الصهیونی قوله، إن حرکة حماس نفذت عملیةً مشترکةً شملت إطلاق صواریخ وتسلل مجموعات المقاومة إلى الأراضی المحتلة. ومن المفاجئات فی هذه الجولة من عملیات فصائل المقاومة، التسلل إلى عمق المستوطنات المحتلة، الأمر الذی أثار الذعر والارتباک بین المستوطنین والجیش الصهیونی. وحسب وسائل الإعلام، فقد هبط أیضًا عدد من رجال المقاومة فی بعض مناطق الأراضی المحتلة باستخدام الطائرات الشراعیة واشتبکوا مع الکیان الصهیونی، ویقال إن مقاتلین فلسطینیین استولوا على مرکز للشرطة. وهذه هی المرة الأولى التی تتسلل فیها قوات المقاومة إلى المستوطنات الصهیونیة فی محیط غزة وتشتبک مع عناصر الجیش الصهیونی، وأعلنت بعض المصادر أن زوارق صغیرة تابعة لحرکة حماس تخطط أیضاً للتسلل إلى الأراضی المحتلة عبر البحر، وتدور اشتباکات متقطعة بین المقاومة والقوات الصهیونیة. إن العملیة المناهضة للصهیونیة تنفذ بکل أبعادها، وقال الخبیر العسکری أحمد عبد الرحمن فی حدیث لـ»المیادین» إن هناک معلومات عن هجوم سیبرانی لقوى المقاومة ضد منظومة القبة الحدیدیة، وإذا تم تعطیل القبة الحدیدیة، فسیکون من الصعب اعتراض صواریخ المقاومة ویمکنها توجیه ضربات واسعة النطاق للکیان. أخذ الغنائم من الکیان الإسرائیلی بالتزامن مع التسلل إلى المناطق الصهیونیة، تمکنت مجموعات المقاومة أیضًا من أخذ الغنائم من المحتلین، وذکرت شبکة فلسطین الیوم أن قوات المقاومة تمکنت من السیطرة على شوارع المستوطنات المجاورة لقطاع غزة. کما أفادت بعض المصادر الإخباریة بأن قوات المقاومة تمکنت من أسر بعض الجنود الصهاینة، وحسب وسائل إعلام صهیونیة فإن عددهم ٣٥ جندیاً. کذلک، تظهر الصور التی نشرتها مصادر فلسطینیة قیام الفلسطینیین باغتنام دبابة میرکافا وإضرام النار فی دبابة أخرى، کما تشیر الفیدیوهات المنشورة إلى أن قوات المقاومة تمکنت من الاستیلاء على جیب عسکری للجیش الصهیونی، ونقله إلى قطاع غزة. تنفذ هجمات المقاومة رداً على السیاسات العدائیة للکیان الصهیونی فی غزة والضفة الغربیة، وفی الأیام الأخیرة، هاجمت قوات الاحتلال شابین فلسطینیین فی منطقة طولکرم بالضفة الغربیة، ما أدى إلى استشهادهما. وخلال مراسم تشییع هذین الشهیدین، وقعت مواجهات بین قوات الاحتلال والفلسطینیین، أصیب فیها عدد من الأشخاص، وأثارت هذه القضیة غضب فصائل المقاومة. من جهة أخرى، وبالتزامن مع الأعیاد الیهودیة، هاجم مئات المستوطنین المسجد الأقصى لعدة أیام متتالیة لأداء شعائرهم الدینیة، الأمر الذی أثار غضب الشعب الفلسطینی. وفی الأشهر الأخیرة قامت فصائل المقاومة بمهادنة الکیان الصهیونی حتى تخمد نار فتنة المتطرفین، لکن الصهاینة لم یقدروا هذا اللطف، وأخیراً انتهى صبر الفلسطینیین. وتعدّ «عملیة الأقصى» أخطر هجوم منذ معرکة «سیف القدس» التی استمرت أحد عشر یومًا بین الکیان الإسرائیلی وحماس فی مایو ٢٠٢١. ومجاهدی غزة، الذین کانوا یقاتلون عدوهم المدجج بالسلاح بالأسلحة الخفیفة فقط حتى وقت قریب، حققوا الآن تقدماً کبیراً فی جمیع المجالات البریة والبحریة والجویة، ولأول مرة فاجؤوا الغزاة فی عملیة مشترکة. إن استخدام القوة الصاروخیة والبحریة والطائرات دون طیار من قبل حماس والجهاد الإسلامی، سیجعل البیئة الأمنیة فی الأراضی المحتلة أکثر التهاباً. ورغم أن زعماء المعارضة الإسرائیلیة قالوا إنهم یقفون إلى جانب الحکومة فی هذا الوضع لمواجهة الفلسطینیین، لکن قوة جیش هذا الکیان ضعفت فی الأشهر الأخیرة بسبب سیاسات حکومة بنیامین نتنیاهو رئیس الوزراء الصهیونی المتطرفة، وحسب المسؤولین فإن هذا الکیان لا یملک القدرة على القتال على عدة جبهات. الوضع فی الأراضی المحتلة حرج لقد أدت البدایة المفاجئة والسریعة لعملیة المقاومة، إلى إغراق الأراضی المحتلة فی حالة من الرعب، ومع دق ناقوس الخطر فی جنوب ووسط الأراضی المحتلة ومدینة القدس، أعلن الجیش الصهیونی أنه فی حالة حرب، ودعا نتنیاهو إلى اجتماع طارئ للمسؤولین الأمنیین. وأعلن یوآف غالانت، وزیر الحرب الصهیونی، حالة الطوارئ حتى دائرة نصف قطرها ٨٠ کیلومترًا من المستوطنات المحیطة بغزة، کما دعا غالانت إلى استدعاء مکثف لقوات الاحتیاط لمحاربة حماس. هذا على الرغم من حقیقة أنه فی الأشهر الأخیرة، عصى أکثر من ١٠ آلاف من قوات الاحتیاط وطیارین الجیش أوامر المسؤولین الحکومیین، ما زاد المخاوف بشأن الفجوة فی الجیش. من ناحیة أخرى، أفادت وسائل إعلام إسرائیلیة أیضًا بأن ما یحدث فی قطاع غزة لا یزال غیر واضح، وما حدث هو مفاجأة کبیرة، وقد تمکنوا من مفاجأة الجیش الإسرائیلی من البر والبحر والجو. وتظهر الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعی سیارات محترقة وأضراراً فی بعض المبانی، وحسب تقاریر إعلامیة عبریة، فقد قُتل حتى الآن أربعة أشخاص وأصیب العشرات، وحالة اثنین من الجرحى حرجة. وصرح مسؤول صهیونی بأن عدد القتلى فی المستوطنات الصهیونیة بقطاع غزة مرتفع، ولا نستطیع إعطاء رقم دقیق للقتلى، کذلک، قطع الصهاینة خدمة الإنترنت عن جنوب فلسطین المحتلة، لمنع نشر المزید من الصور والفیدیوهات لجرحى عملیات المقاومة. وأفادت وسائل الإعلام الصهیونیة بإغلاق مطار بن غوریون وتعلیق الرحلات الجویة حتى إشعار آخر، وتظهر الصور ومقاطع الفیدیو المنشورة الهروب الجماعی للصهاینة من مناطق الصراع، کما اقتحم آلاف الأشخاص الملاجئ هرباً من صواریخ المقاومة. ولم یتخذ الجیش الصهیونی حتى الآن أی إجراء متماسک ومحدد بسبب الهجوم المفاجئ للمقاومة الفلسطینیة، وقد فاجأت هذه الهجمات السلطات الصهیونیة التی فقدت زمام المبادرة. ورغم أن الجیش الصهیونی، ومن أجل إظهار دعمه للصهاینة، قام بشن غارات جویة على مناطق فی غزة، وادعى أن حماس ستدفع ثمناً باهظاً، ولکن بالنظر إلى موجة هجمات فصائل المقاومة وأسر العشرات من الجنود الصهاینة، لا یبدو أن المتشددین فی الحکومة سیبدؤون عملیةً کبیرةً فی مثل هذا الوضع السیء فی الأراضی المحتلة.إن إطلاق ٥٠٠٠ صاروخ فی ٢٠ دقیقة یظهر مدى جاهزیة وقدرة فصائل المقاومة، وخلافاً لادعاءات سلطات تل أبیب، فإن ترسانة غزة من الأسلحة لا تزال فی طور التطور، فی معرکة سیف القدس تم إطلاق أکثر من ٤٠٠٠ صاروخ خلال أحد عشر یوماً، أما فی مواجهات الیوم فقد تم إطلاق ٥٠٠٠ صاروخ على الأراضی المحتلة. أطراف المقاومة کافة ضد العدو مع تصاعد الجرائم الإسرائیلیة، یتصاعد التلاحم والتنسیق بین فصائل المقاومة الفلسطینیة. وفی هذا الصدد، أعلنت سرایا القدس، الجناح العسکری لحرکة الجهاد الإسلامی، أیضاً دعمها لعملیات حماس، وقالت: «نحن جزء من هذه الحرب، وسیقف مقاتلونا جنباً إلى جنب مع إخواننا فی حماس حتى النصر».کما أکد زیاد النخالة أمین عام الجهاد الإسلامی فی بیان له: «رغم کل التحدیات فإن الجهاد الإسلامی مستمر فی طریق الجهاد والمقاومة، والمعرکة مع العدو ستستمر حتى النصر علیه، إننا وحرکة حماس وقوى المقاومة فی فلسطین سنبقى متحدین حتى تحقیق أهداف الحریة والتحرر لشعبنا». من ناحیة أخری، بدأت المجموعات التی تعیش فی الضفة الغربیة، مع إخوانها فی قطاع غزة، الجبهة الثانیة للعملیات ضد الأراضی المحتلة، وقالت جماعة «عرین الأسود» فی بیان لها: «نعلن حالة الاستنفار العام وبدء الهجوم الفوری من أی مکان على قوات الاحتلال ومستوطنیه». ودعت هذه المجموعة المقاومة الفلسطینیین إلى النزول إلى الشوارع، وقالت: «على جمیع المواطنین الأحرار والشرفاء الخروج فی مسیرات ضخمة وموسعة ورفع صوت الله فی کل مکان، وعلى جمیع أصحاب المحال التجاریة والمنازل الواقعة بالقرب من الحواجز والمستوطنات المحتلة إخراج أجهزة التسجیل الخاصة بهم وإطفاء الکامیرات فوراً»، کما طلبت عرین الأسود من کل من لدیه سلاح أن یظهر کرجل ویقوم بواجب الشرف والرجولة. من جانبه أعلن إسماعیل هنیة رئیس المکتب السیاسی لحرکة حماس، فی إشارة إلى هجمات المقاومة واسعة النطاق على الأراضی المحتلة، أن هذه العاصفة بدأت من قطاع غزة وستمتد إلى کل الأماکن. لقد أصبحت جماعات المقاومة فی الضفة الغربیة الکابوس الأکبر لسلطات تل أبیب فی العام الماضی، وهی تخشى بشدة من فتح الجبهة الثانیة فی الضفة الغربیة، ونظراً لقرب الضفة الغربیة من المستوطنات الصهیونیة، تستطیع هذه الجماعات توجیه ضربات قویة للکیان الإسرائیلی، وهذا هو الوعد الذی قطعه قادة المقاومة فی وقت سابق بقتال العدو فی جبهة واحدة.ویبدو أن غرفة العملیات المشترکة التی أنشئت بین الفلسطینیین فی السنوات الأخیرة، ستثبت نفسها جیداً فی هذه المعرکة، کما أعلنت بعض المصادر أن المعطیات تشیر إلى أن حزب الله اللبنانی ومحور المقاومة بأکمله سیدخلون المعرکة مع الاحتلال خلال ساعات قلیلة. لقد حذرت سلطات قطاع غزة مراراً وتکراراً المتطرفین الصهاینة من أی اعتداء على المسجد الأقصى والمعاملة القاسیة للأسرى الفلسطینیین، واعتبرتها خطاً أحمر لها، وأکدت حرکة الجهاد الإسلامی، الثلاثاء الماضی، رداً على الجرائم الصهیونیة فی القدس المحتلة والخلیل، أن الرد على جرائم الکیان الصهیونی لن یستغرق وقتاً طویلاً، إلا أن الوزراء المتطرفین، مثل إیتمار بن غفیر وزیر الأمن الداخلی، وبتسلئیل سموتریتش وزیر مالیة الکیان الصهیونی، لم یلتفتوا إلى هذه التحذیرات. ولذلک، فإن تساقط صواریخ المقاومة على الصهاینة هو نتیجة الأعمال الاستفزازیة التی یقوم بها متطرفو حکومة نتنیاهو، الذین زرعوا الریح فی الضفة الغربیة باحتلالهم وجرائمهم، والآن یحصدون العاصفة. مصدر: الوقت | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 148 تنزیل PDF: 59 |
||||