دور القائد سلیمانی فی الانتصار على داعش | ||||
PDF (648 K) | ||||
بعد تردد کثیر مسکت القلم لأکتب عن شخصیة القائد العظـیـم الشهید قاسم سلیمانی (رضوان الله علیه( ومن انا حتى اکتب عن شخص باع نفسه لله على طبق من الاخلاص حتى صار مصداقا لقوله تعالى: (ان الله اشترى من المؤمنین انفسهم واموالهم بان لهم الجنة) ومن الواضح ان ما اکتبه عنه بقدری لا بقدره خصوصا وان مخالطتی معه کانت محدودة. قبل ان ادخل فی صمیم البحث ینبغی ان نلتفت إلى ان القائد الشهید سلیمانی من الرجال الافذاذ الذین خاضوا غمار حرب الدفاع عن الجمهوریة الإسلامیة فی بدایة تأسیسها التی شنها النظام الصدامی المقبور بتشجیع ودعم من الاستکبار العالمی الغربی والشرقی والتی کانت تستهدف القضاء علیها فی وقت کان جیشها شبه المشلول وذلک بسبب ولاء قادته للنظام الشاهنشاهی وفرار الکثیر منهم وخروج المستشارین الامریکیین. وأما القوى الثوریة کالحرس والبسیج فلیست لدیهم تجربة کافیة ولا خبرة ولا سلاح ومع ذلک تصدى المؤمنون من ابناء الامام الخمینی (قد) للدفاع عن الثورة فکانت ملحمة حسینیة عظیمة تفانى فیها الشعب الایرانی فی الدفاع عن ثورته وحکومته الجدیدة واظهر صبرا وصمودا وابداعاً لا مثیل له. وکانت الحرب مدرسة عظیمة خَرّجت لنا الکثیر من القادة الابطال الحسینیین الذین اصبح لهم الدور الکبیر فی الحفاظ على الثورة من الانزلاق فی مهاوی الانحراف أمام ضغوطات الاستکبار وحربه الناعمة الواسعة، ومن هؤلاء الابطال الذین تخرجوا من مدرسة الجهاد القائد العظیم الشهید سلیمانی (رضوان الله علیه). خصوصیات الشهید سلیمانی ١. الروح الثوریة: فهو من جیل الشباب الذین کان لهم دور فی احداث الثورة الإسلامیة الذین تفاعلوا مع ثورة الامام الخمینی (قد) وتأثروا بها خصوصا وانه من الطبقة المستضعفة فی المجتمع وهی من أکثر الطبقات الاجتماعیة تعاطفا مع الثورة ولذا عندما شنت الحرب الصدامیة على الجمهوریة الإسلامیة کان من المبادرین للدفاع عنها. ٢ . حدة الذکاء: لم یکن القائد سلیمانی (رضوان الله علیه) ذا تعلیم عال فهو رجل بسیط من عائلة کادحة کان یعمل کاسبا قبل الثورة ولکنه بالرغم من ذلک کان یتمتع بحدة ذکاء وهذا ما جعله یأخذ مواقع قیادیة فی الحرب حتى أصبح إسما معروفا وقائدا لفرقة ( ثأر الله) التی تضم متطوعی محافظة کرمان التی أبلت بلاءاً حسناً فی معارک الدفاع المقدس. ٣. الشجاعة الفائقة: ویشهد على ذلک دوره فی معارک الدفاع المقدس فقد کان قائدا عملیاتیا مغوارا أصیب ثلاث مرات او اکثر فی الجبهات وهو بحق بقیة السیف حیث فقد الکثیر من أصدقائه وزملائه بهم وضع صورهم امامه فی مقر عمله فعندما تذهب شدة تعلقه شهداء ومن إلى مقره کأنما انت ذاهب لزیارة معرض للشهداء وکانت امنیته التی یرددها دائما ویطلب ممن یلتقیه ان یدعو له بها . الشهادة التی کرمه الله هی بها. ٤. الایمان العالی: کان رضوان الله علیه یتمتع بدرجة عالیـة مـن الایمان او ما یسمى (بالعرفان) ولا شک ان حضوره فی جبهات الدفاع المقدس کان له تأثیر کبیر فی ذلک فلیلة واحدة یطویها البسیجی فی الجبهات تحت أزیز المدافع والرصاص تعدل ما یحصل علیه العارف فی عشرین سنة من المجاهدة کما یُنقل هذا المعنى عن الامام الخمینی (قد). ومن مظاهر ایمانه العمیق إهتمامه بالصلاة والعبادة والتهجد، واذکر دار حدیث بینی وبینه وانجر إلى قصة الرؤیة المعروفة التی رآها الامام الخمینی (قد) والتی طلب من ولده الشهید السید مصطفى ان یذهب إلى السید الکشمیری (رحمه الله) ویسأله عن تعبیرها فقد ذکر لی القصة بالتفصیل ومن خلال ذلک عرفت انه من اهل الذوق والعرفان ٥. الخبرة العسکریة: الممتازة التی حصل علیها من خلال تجربته الطویلة فی معارک الدفاع المقدس والتی تحمّل فیها مسؤولیات قیادیة مهمة وفی ظروف صعبة وقاسیة والدورات القیادیة التی دخلها بعد الحرب وحصل من خلالها على العلوم العسکریة المطلوبة. ٦. التواضع: وهذه سمة بارزة له فکان یتحرک ویتجول بشکل عادی فی أوساط المقاتلین حتى تحسبه واحدا منهم بالرغم من کونه یحمل رتبة عسکریة عالیة ویشهد بذلک کل من رآه وتعامل معه. ٧.الوعی والبصیرة : فکان یعرف ویدرک مخططات امریکا فی المنطقة والعالم التی کانت تستهدف اقتلاع جذور الإسلام المحمدی الاصیل لبسط هیمنتها على المنطقة، ولذا ادرک ببصیرته ان الحرب على النظام السوری لیس الهدف منها تخلیص الشعب السوری من ظلمه کما یزعمون وانما القضاء على حصن من حصون المقاومة وهکذا عندما جاءت داعش إلى العراق ادرک ان هدفها تدمیر العراق بما یمثله من عمق استراتیجی فی الصراع العربی الاسرائیلی فتحرک بجد لإفشال مشروع أمریکا وتمکن بهمته وبصیرته وتسدید الامام الخامنئی (دام ظله) أن یفشل هذا المشروع، فلا النظام السوری سقط ولا تمکنت داعش من الحفاظ على دولتها فی العراق کل ذلک کان بجهود الحاج قاسم الحاج قاسم المخلصة. ٨.المبادرة: وهذه نقعلة مهمة ففی الوقت الذی أصیب الکثیرون بالصدمة ولم یکونوا یعرفون ماذا یفعلون وداعش تزحف باتجاه بغداد با در القائد الشهید بنفسه للتصدی إلى داعش وتعبئة المقاومین وصدرت فتوی المرجعیة وتدفق مئات الآلاف من الشباب وتوجه القائد الشهید سلیمانی بنفسه مع ما أمکن تهیئته من قوة إلى سامراء للمحافظة علیها ولإیقاف زحف داعش على بغداد وکاد أن یستشهد فی الطریق فقد تعرضت القوة الصاعدة معه فی اقواس بلد إلى هجوم قوی من قبل داعش، وکان لحضوره الشخصی فی المیدان الاثر الکبیر فی رفع المعنویات ودفع القادة إلى التواجد مع المقاتلین فعندما یکون الحاج موجودا بنفسه فمن الطبیعی أن یحضر القادة الاخرون معه. ٩. نشر ثقافة المقاومة: من الانجازات المهمة للقائد سلیمانی نشر ثقافة المقاومة والجهاد فی العالم الإسلامی خصوصا فی فلسطین ولبنان والعراق والبحرین والیمن وهذا هو المعنى الذی کان یقصده الإمام الخمینی (قد) من تصدیر الثورة فتصدیر الثورة هو تصدیر ثقافتها وقیمها واخلاقها وفیلق القدس الذی عهدت مسؤولیته للحاج قاسم هو ذراع الثورة الإسلامیة العالمی وهو القناة الرسمیة للتواصل مع المقاومین والاحرار فی العالم وتقدیم ما یمکن مساعدة من ودعم لهم. ١٠. الاعتقاد التام بولایة الفقیه وقیادة الامام الخامنئی (دام ظله) والتقید بتوجیهاته الربانیة: فلم تزده امواج الفتن التی تعرضت لها الثورة الإسلامیة الا اعتقادا وایمانا بهذا المبدأ وله احادیث مسجلة ومنشورة یتحدث فیها عن ذلک بشکل واضح. هذه أهم خصوصیات القائد الشهید الحاج قاسم سلیمانی (رضوان الله علیه( على شکل نقاط. ولا شک أن شخصا بهذه الخصوصیات یشکل خطرا استراتیجیا على المشروع الصهیوامریکی فی المنطقة والعالم وکان من الطبیعی ان یکون مستهدفا منهم، فخیر خلق الله دائما وعلى طول الخط مستهدفون من قبل شر خلق الله ترامب وامثاله من المتغطرسین والمتجبرین. وهم یتصورون أن فی القضاء على سلیمانی وامثاله من قادة الجهاد سیوقفون المد الثوری الزاحف نحو عروشهم ولکن هیهات لهم ذلک فسلیمانی اصبح مدرسة ومنهجا التف حوله المقاومون والاحرار فی العالم وهم ماضون بجد لتحقیق الاهداف التی کان یسعى الیها. الدور الفرید للقائد الشهید سلیمانی لا نغالی عندما نقول ان الشهید القائد سلیمانی کان له دور رئیسی فی تحقیق النصر على داعش فی العراق فلولاه لما تحقق النصر ، وحتى نکون منصفین ان هناک عاملین اساسیین کان لهما اکبر الأثر فی تحقیق النصر على داعش وهما: فتوى المرجعیة فی الوجوب الکفائی التی اصدرها الامام السیستانی (دام ظله) والتی کانت الهاما ربانیا عبّاً الامة وطاقاتها لمواجهة داعش واعتبر قتالها جهادا مقدسا بفتوى دینیة، ونُقل لی ولم اتأکد أن الشهید سلیمانی کان له تأثیر فی اصدار فتوى المرجعیة من خلال التقریر الذی قدمه للإمام السیستانی عن الاوضاع وخطورتها. والثانی؛ قیادة الحاج قاسم سلیمانی الشجاعة والمحنکة التی تمکنت من ترجمة فتوى الجهاد واستیعاب جموع المتطوعین وتحویلها إلى واقع عملی وهو الحشد الشعبی فان الفتوى بمجردها لا یکون لها قیمة اذا لم تتوفر مؤسسة تستوعب المتطوعین وتوفر لهم السلاح وتقودهم فی المعرکة ولم یکن الجیش قادرا على القیام بهذه المهمة لأسباب یطول الکلام باستعراضها وربما نشیر إلى بعضها والحاج قاسم هو الذی اشرف على قیام هذه المؤسسة ولم یکن احدا قادرا على القیام بها لما یتحلى به من خصوصیات اشرت لها فی بدایة المقال مع ملاحظة النقاط التالیة: ١. مواجهة داعش تحتاج إلى قیادة قویة ومحنکة تعرف داعش واسالیبها ولدیها الشجاعة على مواجهتها وتمتلک القوة والامکانیات اللازمة لذلک وهذا لم یکن متوفرا فی غیر القائد الشهید سلیمانی (رضوان الله علیه) فقواتنا العسکریة أصابها ما أصابها وفقدت زمام المبادرة کما ان داعش لا تواجه بقوة عسکریة بحته، داعش قوة عقائدیة ولا یمکن ان تواجه الا بقوة عقائدیة وهذه القوة غیر موجودة فلابد من تشکیلها بسرعة وزجها فی المعرکة فجاءت فتوى المرجعیة لتوفر الزخم الجماهیری الکبیر لهذه القوة ولکن هذا الزخم الجماهیری لوحده لا یکفی لابد من تنظیمه وتجهیزه وتدریبه وتوفیر قیادات عسکریة له. ٢. وجود مثل هذا التشکیل یحتاج إلى دعم من الحکومة والقوى السیاسیة وقد تمکن الحاج قاسم بما یمتلک من علاقات واسعة مع القیادات والقوى السیاسیة المختلفة فکان محل ثقتهم وبذلک کان التفاعل والدعم الواضح من قبل الدولة بکل مؤسساتها للحشد الشعبی وهذا لم یکن لیتحقق لولا وجود الحاج قاسم. ٣. زج الحاج قاسم بتشکیلات المقاومة وجمهورها فی داخل الحشد واستفاد من خبرتهم فی قتال داعش فی سوریا وکذلک بقوات بدر وجمهورها و تحمل کوادر بدر والمقاومة بناء التشکیلات القتالیة والاسنادیة بسرعة فائقة فکانت عملیة بناء قوات الحشد تسیر بشکل متواز مع القتال وبعد فترة وجیزة اصبح الحشد مؤسسة عسکریة ممتازة تمتلک خبرات وامکانات عسکریة فی بعض الاحیان تفوق حتى امکانات الجیش ولم یکن احد یتمکن من القیام بهذا الدور غیر الحاج قاسم وصنوه الحاج ابو مهدی المهندس (رضوان الله علیهما). ٤. کل ذلک لا یکفی اذا لم یکن هناک سلاح تقاتل بـه القـوات وهنا کان دور الحاج قاسم وبحکم موقعه فی قوات الحرس لیوصل السلاح بشکل سریع إلى قوات الحشد الشعبی ومعه خبرات الحرس ومستشاریه. . تواصل الشهید سلیمانی مع القیادة العلیا فی الجمهوریة الإسلامیة المتمثلة بالإمام الخامنئی (دام ظله) وکذلک مع المرجعیة الدینیة العلیا فی النجف الاشرف المتمثلة بالإمام آیة الله العظمى السید علی السیستانی (دام ظله) وثقتهما به. هذه النقاط وغیرها الکثیر لا یمکن ان یقوم بها احد بحسب الظاهر غیر القائد الشهید قاسم سلیمانی وهو ما عبر عنه الامام السیستانی دام ظله فی رسالته للأمام الخامنئی بقوله: (ان الدور الفرید للفقید خلال سنوات القتال مع عناصر داعش فی العراق والاتعاب الکثیرة التی تحملها فی هذا المجال لا یمکن أن تنسى...). وأختم حدیثی فی هذه المقالة القصیرة بالإشارة إلى بعض النقاط: الأولى: ان الحاج قاسم کان یقود المعرکة ضد أمریکا وادواتها فی المنطقة فی کل جبهاتها والیه یعود الفضل فی صمود غزة وایصال السلاح المتطور لها وعدم سقوط سوریا بید داعش وحزب الله فی لبنان وغیر ذلک. الثانیة: أن الشهید الحاج ابو مهدی المهندس کان ید الحاج قاسم فی العراق فهو صنوه وقرینه وشریکه فی کل الانجازات التی حققها الحشد الشعبی وکان رحمه الله مندکا فی قیادة الحاج قاسم وجندیا من جنوده المخلصین. الثالثة: کان للحاج قاسم دور کبیر على المستوى السیاسی فی العراق بعد السقوط وله الفضل الکبیر فی توحید القوى الشیعیة وعبور بعض المنعطفات والتحدیات الکبیرة التی تعرضت لها العملیة السیاسیة. فسلام علیه على جهاده و استقامته وتضحیاته وجسده المتناثر بصواریخ الحقد الامریکی. (وَالَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهُ فَلَن یُضِلَّ أَعْمَالهُمْ). | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 225 تنزیل PDF: 65 |
||||