الانجازات الثلاثة القیمة للدبلوماسیة الاقتصادیة فی حکومة آیة الله الشهید رئیسی | ||||
PDF (3998 K) | ||||
الاستراتیجیات ، التوجهات ، و الاولویات ، التی اعتمدتها الحکومة الثالثة عشرة ـ حکومة الشهید رئیسی ـ فی السیاسة الخارجیة ، شکّلت الحجر الاساس للکثیر من التحرکات ، و حددت الخیار السلیم للآفاق المستقبلیة ، بإرساء القواعد و تسهیل مهمة عمل الحکومات القادمة . تعیش ایران هذه الایام عزاء ارتحال رئیس جمهوریتها الثوری المحبوب ، الذی نذر حیاته لخدمة الناس و تحقیق الاستقرار و الرخاء للمواطنین.. الرئیس الثامن للجمهوریة الاسلامیة ، خلال السنوات الثلاث من نشاطه المتواصل لیل نهار، الذی لا یعرف التعب و الملل ، کان مصدر خدمات و انجازات کثیرة على طریق الارتقاء بموقعیة ایران الاسلامیة على الصعید الدولی ، الذی مثّل فی الحقیقة احد المجالات المضیئة لتحرکات حکومة آیة الله الشهید رئیسی سیما على صعید العلاقات الخارجیة ، وشکّل موروثاً قیًّماً بالنسبة له . و فی هذا الصدد ، و فضلاً عن النتائج الملموسة و تجلی ثمرة سیاسات حکومة آیة الله رئیسی فی تقویة العلاقات الخارجیة للجمهوریة الاسلامیة انطلاقاً من المصالح الوطنیة ، و تنامی القدرات المحلیة ، و نمو التجارة الخارجیة ، و افشال أثر العقوبات ؛ فضلاَ عن کل ذلک ، غیر ان استراتیجیات و توجهات و اولویات الحکومة الثالثة عشرة ، وضعت فی السیاسة الخارجیة حجر الاساس للکثیر من المواقف و التحرکات ، التی وضعت من خلالها اسس الخیار السلیم للآفاق المستقبلیة ، و ذلک بتحدید السبل الکفیلة بتسهیل مهمة عمل الحکومات المقبلة.. یحاول هذا المقال استعراض جانب بسیط ـ و لکنه فی غایة الاهمیة ـ من مکاسب و انجازات السیاسة الخارجیة لحکومة آیة الله ابراهیم رئیسی. اولاً ـ العضویة فی المنظمات الاقلیمیة و الدولیة دعم و مساندة التکتلات الدولیة فی العلاقات الخارجیة ، خاصة العضویة فی منظمات و معاهدات السوق الاقلیمیة المشترکة و توافقات التجارة الحرة ، کان یشکّل على الدوام احد الاهداف الهامة فی استراتیجیة السیاسة الخارجیة للجمهوریة الاسلامیة . و فی هذا المجال الهام استطاعت حکومة آیة الله رئیسی ان تحقق نجاحات ملفتة ، و محاولة الاستفادة ـ على نطاق واسع ـ من الموقعیة الجیوسیاسیة الهامة و القدرات الداخلیة للاقتصاد الایرانی للاستحواذ على دور فاعل فی التجارة الدولیة بنحو تتفوق فیه على الحکومات السابقة . و یتمثل احد هذه النجاحات الذی یعتبر فی غایة الاهمیة ، فی حسم عضویة ایران فی المنظمتین الاقتصادیتین الهامتین شنغهای و بریکس ، اللتان تضمان قدرات عالمیة حدیثة الظهور غیر غربیة .. و على الرغم من قبول ایران لفترة طویلة بمثابة عضو مراقب ، و لکن لو لم یحدث ثمة تغییر فی النظرة الاستراتیجیة ازاء توجهات السیاسة الخارجیة للحکومة الایرانیة بعد تسلّم آیة الله رئیسی لرئاسة الجمهوریة ، سیما فیما یتعلق بالتنمیة الشاملة للعلاقات مع الشرق ، لما تم القبول رسمیاً بعضویة ایران بهذه السرعة فی المنظمة .. ان استقبال روسیا و الصین ، باعتبارهما حلیفین استراتیجیین بارزین ازاء للتحولات الهامة التی تهدف الى بلورة نظام دولی جدید ، لإنضمام الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة بمثابة الضلع الثالث للمعسکر الشرقی ، کان قد آخذ بالاعتبار السیاسة الایرانیة المستقلة تماماً ، و موقع ایران الجیوسیاسی الحساس ، و قدراتها العسکریة و نفوذها الاقلیمی.. و لاشک ان سیاسة آیة الله رئیسی بالتوجّه نحو الشرق ، لعبت الدور الابرز فی هذا المجال . و من المسلّم به ان عضویة ایران فی مجموعة شنغهای ، یوفر فرصة فریدة للتنمیة الاقتصادیة و التجارة العالمیة بالنسبة لإیران . ذلک ان هذه المنظمة تستحوذ على نحو ٣٠ بالمائة من الانتاج الداخلی الاجمالی العالمی ، و تضمّ حوالی ٤٠ بالمائة من سکان العالم ، و مثل هذا یعنی الفشل الکامل للعقوبات الغربیة و محاولة ابعاد الاقتصاد الایرانی عن التجارة العالمیة . کما ان عضویة ایران فی بریکس ، و الانضمام الى تکتل القدرات الاقتصادیة العالمیة حدیثة الظهور ، التی سوف تشکل ـ وفقاً لرؤیة الخبراء ـ بدیلاً عن مجموعة جی ٧ فی المستقبل ، سیترتب علیها فوائد اقتصادیة متنوعة ، بما فی ذلک الحد من دعم التجارة الخارجیة من خلال تقلیل النفقات التجاریة و الکمرکیة ، و انتقال العلوم التکنولوجیة ، وتأمین المواد الاولیة ، والتعامل و الارتباط مع الاسواق العالمیة، و تدعیم الاسواق الوطنیة وما یترتب على ذلک من الحد من مشکلات سونیف و التخلص منها بالکامل . و فی هذه الفترة ، و بمیمنة وجود الدکتور الشهید امیر عبد اللهیان على رأس سلک السیاسة الخارجیة ، و محاولة الترکیز على الدبلوماسیة الاقتصادیة ، استطاعت ایران ان تخطو خطوات باهرة على طریق الانضمام الى عضویة المنظمة الاقتصادیة اوراسیا ( EAEU ) ، و ان توقع مع هذه المنظمة ، التی تهیمن على نحو ٢.٤ من الاقتصاد العالمی ، اتفاقیة التجارة الحرة . ثانیاً ـ البحث عن اسواق و معابر اقتصادیة ان اعطاء السیاسة الخارجیة لحکومة آیة الله الشهید رئیسی الأولویة للمسائل الاقتصادیة ، ادّى لأن یقوم آیة الله رئیسی ـ خلال ٣٣ یوماً من تولیه لرئاسة الجمهوریة ـ بـ ٢٨ زیارة الى خارج البلاد . و فی هذه الاثناء ، وعلى الرغم من ان اولویة الحکومة تهدف الى توسیع دائرة العلاقات الاقتصادیة مع دول الجوار و دول المنطقة ، غیر ان الشهید رئیسی لم یغفل عن الاسواق العالمیة المستعدة لتواجد الشرکات و السلع الایرانیة ، خاصة بالنسبة للدول النامیة . و فی هذه الفترة ، و بعد سنوات الرکود ، بادرت الحکومة الثالثة عشرة الى احیاء موقعیة ایران السیاسیة و الاقتصادیة فی امیرکا اللاتینیة . و ان آیة الله رئیسی و اضافة الى الزیارات و اللقاءات الجانبیة على هامش الاجتماعات السنویة للامم المتحدة ، قام فی حزیران ٢٠٢٣ بجولة زار خلالها ثلاثة دول فی امیرکا اللاتینیة هی فنزویلا و نیکاراغوا و کوبا . و بالتوقیع على ٣٥ اتفاقیة للتعاون فی مجالات متعددة ، خطى خطوة کبرى على طریق استحواذ الاقتصاد الایرانی على حصة تسویقیة بارزة فی هذه المنطقة . و فی نفس الفترة نفسها کان بالامکان ان نشهد نقلة نوعیة فی العلاقات مع افریقیا ایضاً ، الذی تمثل احد نماذجها البارزة فی المبادرة الى تنظیم الاجتماع الدولی الایرانی الافریقی ، الذی عقد فی طهران اوائل ( نیسان/ ابریل ) الماضی ، و شارکت فیه اکثر من ٣٠ دولة افریقیة . و من ناحیة ثانیة ، قام الشهید رئیسی بجولة افریقیة فی شهر تیر ١٤٠٢ شمسی ، زار خلالها ثلاث دول افریقیة هی کینیا و اوغندا و زیمبابوی ، و اعتبرت الزیارة بمثابة الاولى التی یقوم بها رئیس ایرانی الى القارة الافریقیة بعد احد عشر عاماً ، و کانت جولة موفقة حقاّ استطاعت ان تحقق مکاسب ملفتة . البحث عن اسواق اقلیمیة و تعزیز العلاقات مع الدول العربیة الارتفاع الحاد الذی شهدته عوائد النفط و الغاز رغم سریان العقوبات و انعقاد توافقات الطاقة مع دول الجوار ، شکّل هو الآخر انجازاً للدبلوماسیة الاقتصادیة التی اعتمدتها الحکومة الثالثة عشرة بفضل توجهات الرئیس الثامن للجمهوریة الایرانیة.. ان ایران الیوم ، و استناداً الى تصریحات المسؤولین الرسمیین ، استطاعت ان ترفع مستوى الانتاج ، و الارتقاء بمعدل الصادرات و العوائد النفطیة ، حتى اکثر مما کان علیه قبل خروج امیرکا من الاتفاق النووی . من ناحیة ثانیة ، ان تفعیل دبلوماسیة الطاقة و تنمیة تعاون ایران مع دول الجوار ، بمثابة سیاسة معتمدة من قبل وزارة النفط منذ الایام الاولى لاستلام حکومة آیة الله رئیسی لمهام عملها ؛ ادّت الى انهاء خمس سنوات من العجز عن التوصل الى اتفاق بشأن الغاز مع جمهوریة ترکمنستان . و ان الاتفاق الثلاثی ـ بمشارکة جمهوریة اذربییجان ـ وفّر الفرصة لتمهید طریق دخول ایران الى اسواق الغاز الاوروبی فی المستقبل . خطوة أخرى من الخطوات الرئیسیة للحکومة الثالثة عشرة فی مجال صادرات الطاقة ، تم اتخاذها خلال الزیارة الاخیرة التی قام بها الشهید آیة الله رئیسی الى باکستان ، حیث تم التوقیع على مذکرات تفاهم بشأن اکمال مشروع خط انابیب صادرات الغاز الایرانی الى باکستان .. و مع استکمال الخطوات النهائیة لهذا الاتفاق ، سوف تشهد ـ دون شلک ـ نقلة نوعیة فی حصة ایران بالنسبة لأسواق الطاقة فی المنطقة ، خاصة مع تنفیذ المشروع العظیم لتشغیل المرحلة الحادیة عشرة من استکمال حقل بارس الجنوبی فی ظل الحکومة الثالثة عشرة ، حیث ستکون حصة ایران من هذا الحقل المشترک ، رغم العقوبات ، تفوق حصة القطریین . ثالثاً ـ تفعیل قدرات المعبر الایرانی ایران بلد یحظى بموقع جیوسیاسی فرید ، حیث یقع فی مفترق طریق بری رئیسی یوصل شرق العالم بغربه و شماله بجنوبه . و ان نفس هذا الموقع اوجد فرصة لایران تتمکن من خلالها الاضطلاع بدور رئیسی بالنسبة لمشاریع التجارة العابرة ـ الاترانزیت ـ الهامة و شبکة التجارة الدولیة ، و تحقق عن هذا الطریق التنمیة الاقتصادیة و ارتفاع معدل العوائد المالیة. و فی هذا المجال ایضاً ، یمکن مشاهدة ارتقاء مرتبة ایران الاقلیمیة و الدولیة التی تحققت فی ظل حکومة آیة الله رئیسی . ذلک ان تغییر رؤیة اللجنة المعنیة بالاقتصاد المقاوم فی الحکومة ، أدى لأن یتحول مشروع “ النقلة النوعیة لمعبر التجارة العابرة بین الشمال و الجنوب “ الى احد الاولویات الاقتصادیة ، و بالتالی ان تشهد مشاریع سکک الحدید و الطرق البریة المرتبطة بهذا المشروع ، تطوراً ملفتاً خلال فترة قصیرة . و فی هذا الصدد تم الاسراع بتحقیق المزید من التواصل و التعاون مع الهند لتطویر میناء جابهار . کما شهد خط سکة الحدید الذی یتصل بافغانستان نقلة نوعیة فی عهد الادارة الجهادیة لحکومة آیة الله رئیسی ، حیث تم افتتاح خط سکک الحدید بین خواف ـ هرات فی شهر تیر عام ١٤٠٢ شمسی. المعبر الذی یرببط الشرق بالغرب ، یعتبر هو الآخر بمثابة مشروعاً استراتیجیاً نظراً لما یمتلکه من طاقة حمولة اکبر ، فهو یتمتع بالقدرة على المزید من التنافس فی المنطقة ، و ان الممرات التنافسیة الذی ینشط بعضها فی الوقت الحاضر ، اضحت ممرات معتمدة . وما یذکر هو انه قبل ثلاثة سنوات ( دیسمبر ٢٠٢٠ ) عندما تم افتتاح خط سکة حدید طریق الحریر، الذی یعرف بمشروع “ حزام واحد ـ طریق واحد “ ، وصل اول قطار حمولة انطلق من ترکیا سالک هذا الخط متجهاً الى الصین دون العبور من ایران ، مما أثار تساؤلاً عن عدم التحاق ایران بالمشروع العظیم طریق الحریر .. و بهذا النحو و على الرغم من ادراک ایران فی الفترات السابقة ، لأهمیة الموقع الجیوسیاسی الذی یتصف به مشروع طریق الحریر الجدید ، إلا أنها کانت الغائب الاکبر عن هذا الخط الاستراتیجی . بید أن هذا التوجه تغیّر فی عهد حکومة آیة الله رئیسی ، فی ظل الترکیز على اهمیة الاستفادة من القدرات الاقلیمیة التی تتمتع بها البلاد ، و بالتالی اعتماد توجهاً جدیداً یتناسب مع الامکانات التی تتمتع بها الممرات الشمالیة و الجنوبیة و کذلک الشرقیة و الغربیة ، حیث تقرر احداث ممر جدید ، على ان یتم استغلال طاقات البلاد فی التجارة العابرة لمضاعفة حجم التبادلات التجاریة و الارتقاء بمعدلاته مع الحلفاء . ان افتتاح خط سکک الحدید للتجارة العابرة ـ حمولات کبیرة ( کانتینر) ـ الذی یربط بین کازاخستان ـ ترکمنستان ـ ایران ـ ترکیا ، لنقل حمولات التجارة العابرة عبر (الکانتینر ) ، فی خرداد ١٤٠١ شمسی ، لتقویة المعبر شرق ـ غرب . والتوقیع على بروتوکول الخاص بالمعبر بین الصین الى اوروبا خلال اجتماع طشقند ، شکّل احد الانجازات الهامة لهذه السیاسة التی استطاعت ان تعید ایران الى طریق الحریر .
المصدر : AlwaghtFarsi | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 87 تنزیل PDF: 37 |
||||