الحریة فی فکرالإمام الخمینی | ||
الحریة فی فکرالإمام الخمینی علی محسن منذ أن انبلج فجر الثورة الإسلامیّة المبارکة فی سماء إیران، والأبواق الإعلامیّة المغرضة والزائفة التی حشدتها قوى الاستکبار والشرّ یعلو هدیرها ویرتفع ضجیجها فی محاولات مستمیتة للطعن فی صدقیّة هذه الثورة و فی مبادئها، وفی انتسابها إلى الإسلام وتعالیمه، وفی تشویه الصورة الثوریّة الناصعة والمشرقة. هذه الثورة المبارکة التی استطاعت ـ بفضل طهارتها ونقائها وإخلاص شعبها ودماء شهدائها ـ أن تتحوّل إلى ما یشبه میداناً مغناطیسیّاً قویّاً یشدّ إلیه أنظار القابعین تحت القمع والظلم والحرمان فی کافّة أرجاء هذه المعمورة. منذ ذلک الوقت وهذه الأبواق تکذب وتکذب، وتخترع وتلفّق وتزوّر وتحرّض، وتصطاد فی المیاه العکرة، وتُلصق بهذه الثورة التهمة تلو التهمة، وتحیک ضدّها المؤامرة تلو المؤامرة، أملاً بحصول الوقیعة بینها وبین محیطها وجیرانها من الدول الإسلامیّة والعربیّة. وبموازاة ذلک، فقد جنّدت تلک القوى أبواقها للعمل على تفتیت اللّحمة الشعبیّة الإیرانیّة، وعلى إحداث شرخٍ على صعید الداخل الإیرانی، وفی هذا السیاق عملت هذه الأبواق الإعلامیّة بکلّ ما أُوتیته من قدرةٍ ومکر ودهاء على تصویر النظام الإسلامیّ فی الجمهوریّة الإسلامیّة على أنّه نظام خشبیّ متحجّر، متّهمةً إیّاه بأنّه نظام قمعیّ یحکم شعبه باسم الإسلام، ولکن من دون أن یطبّق الشریعة، وبأنّه یمارس أبشع أشکال الاستبداد والدیکتاتوریّة، وبأنّه.. وبأنّه.. غیر أنّ هذه الاتّهامات الباطلة فشلت، وذهبت جفاءً، وبقی ما ینفع الناس.. ولم تستطع هذه الأکاذیب والأحابیل، رغم کلّ الجهود التی بُذلت فی سبیل ترویجها، أن تخنق نور الثورة الإسلامیّة، ولم تتمکّن من أن تحبسه عن أن یسطع فی الأرجاء، ولا هی تمکّنت من زعزعة ثقة الشعب الإیرانیّ المسلم بدولته وثورته ومبادئ النهضة التی قادها الإمام الخمینی العظیم، بما فی ذلک جیل الشباب، والذی لا یزال مندفعاً، ثوریّاً، متحمّساً، ملتزماً، یقتحم أبواب الفکر والثقافة، ویلج میادین الابتکارات العلمیّة والتقنیّة، ویسطّر الإنجازات العظیمة، ما یعکس بوضوح، قدرة الثورة الإسلامیّة ونجاحها فی إرساء نظام حکمٍ یحظى بدعمٍ وتأیید شعبیّین منقطعی النظیر؛ یشهد لذلک: هذا الحراک المتمیّز العلمیّ والثقافیّ والفکریّ والاقتصادیّ والاجتماعیّ والسیاسیّ و.. الذی تشهده الساحة الإیرانیّة المعاصرة، کما یؤکّد ذلک المراقبون . الحراک الذی حوّل إیران الإسلام إلى قوّةٍ عظمى لها ثقلها، ولها کلمتها، ولها حساباتها، فی المنطقة، بل وفی العالم ککلّ. وفیما یلی، نسلّط الضوء على احد العوامل الأساسیّة التی أدّت إلى إنجاح هذه التجربة الفریدة من نوعها فی عالمنا المعاصر، ألا و هی تجربة تأسیس الحکومة الإسلامیّة، واستناد نظام الحکم بکلّ تفاصیله إلى الإسلام وأحکام الشریعة الإسلامیّة. أنه عامل (الحریّة فی التعبیر وفی ممارسة العمل السیاسی)، وذلک على ضوء ما جاء على لسان مفجّر هذه الثورة ومؤسّس الجمهوریة الاسسلامیة الإمام الخمینی (قدس سره). أوّلاً: حریة التعبیرعن الرأی صرّح الإمام الراحل بأنّ الحدّ الوحید والخطوط الحمر التی لا یُسمح بتجاوزها فی دولة الإسلام ، لیست إلّا ما یعود بالضرر على الإنسان وصالحه العامّ، وما یُلحق الأذى بفئات الشعب، وما نصّ الإسلام على منعه وتحریمه، وأمّا فیما سوى ذلک، فکلّ شیء مسموح ومتاح، بما فی ذلک انتقاد المسؤولین فی الدولة، ومحاربة مظاهر الفساد، کائناً من کان صانعوها ومثیروها، بل هو یرى ذلک واجباً ووظیفة، ولیس مجرّد أمرٍ مباح، یقول (قدس سره): ((إنّ هذه الحریة التی یتمتع بها أبناء شعبنا من النساء والرجال والکتّاب وسائر الشرائح الأُخرى، هی من النوع الذی یصب فی منفعة أبناء الشعب، وأنتم أحرار فی التعبیر عن أفکارکم وآرائکم، وفی انتقاد الحکومة، انتقدوا کلّ من خطا خطوة منحرفة، اذهبوا ودافعوا عن شعبکم، انکم احرار فی فعل کل ما من شأنه خدمة الإنسان وتحسین أوضاع الإخوة والأخوات، ورعایة هؤلاء الاطفال الأحبّة.. کل هذا مسموح فیه. ذلک أن الإسلام یحثّ على التفکر والتدبر، بل إنّه جعل تفکّر ساعةٍ خیراً من عبادة سنة.. ان الذی حاربه الاسلام ولن یسمح به، لیس إلّا القمار الذی یقود أبناء الشعب الى التیه والضیاع، والخمر الذی یضیّع الشعب، وأنواع البغاء والفحشاء.. هذه هی الأمور هی التی حرّمها الاسلام وحاربها)). ویرى الإمام (ره) أنّ الحرّیّة التی أتاحها الإسلام لیست ضیّقةً ومحدودة الأفق، وهی لیست منحةً مختصّةً بالمسلمین دون سواهم، کما لا یشترط فیها أن تکون قناعات الإنسان إسلامیّة، بل تتّسع دائرتها لتشمل حتى أولئک الذین لا یتبنّون الإسلام کمنهجٍ فی الحیاة والاجتماع والسیاسة، فهی حرّیّة الإنسان بما هو إنسان، وهی حقّ مستمدّ من وحی إنسانیّة الإنسان، تماماً کما أنّ الإسلام دین للحیاة، وطریق للبشریّة جمعاء . وفی هذا،یقول سماحته : ((المارکسیّون أحرار فی بیان عقائدهم فی المجتمع الذی نفکّر بإقامته؛ لأنّنا واثقون من أنّ الإسلام یلبّی حاجات الناس، وأنّ إیماننا واعتقادنا قادران على مواجهة عقیدتهم، وقد طرحت الفلسفة الإسلامیّة ـ منذ البدایة ـ موضوع أولئک الذین ینکرون وجود الخالق، إنّنا لن نسلب حرّیّتهم أبداً، ولن ننال منها، فالکلّ حرّ فی بیان رأیه وعقیدته، ولکنّه لیس حرّاً فی التآمر)). أتاح الإسلام للناس کلّهم حرّیّة التعبیر عن أفکارهم وآرائهم فی المجتمع الاسلامیّ بطلاقة، وترک لهم الباب مشرّعاً أمام انتقاء أفکارهم بموضوعیّة تامّة، غیر أنّه دعاهم إلى اختیار أحسن الأفکار وأمتنها وأصفاها. قال تعالى: ((الذین یستمعون القول فیتّبعون أحسنه أولئک الذین هداهم الله وأولئک هم أولو الألباب))، و هذه الآیة تدلّ بوضوح على فضیلة الاستماع المتأنّی والمتمعّن إلى الأقوال والآراء المطروحة، وتترک الخیار لمستمع القول نفسه، لکی یقلّب فکره ویحکّم رأیه، لیختار بالتالی أحسن هذه الأقوال على حسب ما تقوده إلیه قناعته، وبوحیٍ من قراره الحرّ.. والآیة فی نهایة المطاف تصف الذین یتحرّون أحسن الأقوال بأنّهم أولو الألباب، وأهل العقول، حتى کأنّ غیرهم لا ألباب ولا عقول لهم.. إنّ هذه الآیة الکریمة تتحدّث عن دور العقل، وعن فضاء غیر محدود له، فهو الفیصل والمیزان والمعیار، وهو الوحید الذی ینبغی للإنسان أن یسلّم له أمره وزمامه، ویجب علیه أن یقدّمه أمام کلّ خیاراته ومواقفه، فلا یتّخذ موقفاً إلّا بعد دراسته وتمحیص احتمالاته، ولا یختار فکرةً إلّا بعد أن یعرضها على موازین العقل السلیم والفطرة المستقیمة. فالإسلام دین حارب بشراسة تعطیل العقول، وتجمید الفکر. والإسلام یذمّ التقلید، ویحبّب العلم، بل یوجبه ویجعله فرض عینٍ على کلّ مسلم ومسلمة. والإسلام یحثّ على التفکر والتدبر، بل إنّه جعل تفکّر ساعةٍ خیراً من عبادة سنة.. ولکنّ حرّیّة التعبیر لیست فی حدّ ذاتها مطلوبةً ومرغوبة، بل هی مطلوبة بقدر ما أنّها توصل إلى الحقیقة، وتبتعد عن الزیف، هی مطلوبة ما دامت فی سیاق تحفیز العقول على المعرفة، وتنشیط الوعی الفکریّ والعقلیّ، الوعی الذی یرقى بالإنسان إلى مصافّ الملائکة، بل إلى ما فوق ذلک.. وفی هذا الإطار فقط ینبغی أن تُفهم التحذیرات التی کان یطلقها الإمام الراحل حول مخاطر الغزو الثقافیّ والتبعیّة الفکریّة والاستلاب الحضاریّ؛ لأنّ هذا الغزو، سواء کان مصدر انبعاثه هو الشرق أم الغرب، لا یهدف إلى الارتقاء والنهوض بالمجتمعات الإنسانیّة، ولا إلى الدفاع عن حقوق الإنسان الضائع ، بل إنّما یهدف إلى إحداث حالةٍ من الانبهار السلبیّ یُصار فیها إلى تعطیل دور العقل، واقتطاع الإنسان من حضارته وبیئته وقیمه وانتمائه الدینیّ أو الوطنیّ أو القومیّ، ودفعه إلى الاستسلام التامّ لأحلامٍ لا واقع لها، ( إلّا فی هولیوود)، کلّ ذلک لصالح منافع استعماریّة سیاسیّة أو اقتصادیّة، ولغرض إیجاد حالة من التبعیّة الفکریّة التی لا تخدم إلّا أغراض القوى والشرکات الإنتاجیّة الکبرى.. هم یریدون لنا أن نکون فی میادین الفکر والثقافة أذیالاً، أذناباً، مهمّشین، طفیلیّین، نتلقّى ولا نرسل، ونستهلک ولا ننتج، ونجترّ أفکاراً لاکتها ألسنتهم، من دون أن نقدّم جدیداً، أو أن نأتی بنافع، یریدون لنا أن نعیش فی الظلّ، لیتصدّروا هم وحدهم لنور الشمس، حتى إذا ما تحقّقت منّا التبعیّة لهم فی الفکر، وانبهرنا بتلک الأفکار الجاهزة التی یبثّونها لنا، استطاعوا بذلک القضاء على وعینا، وعزمنا، وقرارنا الحرّ، فضمنوا بذلک أن لا نعارضهم، وأن نبقى فی حاجةٍ إلیهم، ومرتهنین لهم، لکی لا یکون لنا رأی آخر فی قبال رأیهم، فالأبیض قد یکون فی عیوننا فحماً إن هم أرادوا، واللّبن قد یتحوّل إلى أسود إن هم شاؤوا!!! وهذا الارتهان والاستلاب والانبهار الخادع هو فی الحقیقة ما یؤدّی بنا الى أکبر المزالق، وهو سبب تعاسات هذه الأمّة، وبهذا فقط یرى هؤلاء أنفسهم القیّمین على القرار العالمیّ والدولیّ، وبهذا فقط یستبیحون أن یُطلقوا علینا التوصیفات کما یحلو لهم، فهم الشرعیّة الدولیّة، ونحن الإرهاب، وهم العالم الأوّل، ونحن العالم الثالث، وهم أهل الاعتدال، ونحن المتزمّتون... کلّ ذلک نشأ من إصرارهم على باطلهم، وجهلنا وتفرّقنا عن حقّنا.. وفی هذا یقول الإمام الراحل (قده): (إنّ التبعیة الفکریة والذهنیة والعقلیة للخارج هی منشأ أغلب التعاسات التی مرت على شعبنا وعلى سائر الشعوب، وإنّ أکبر فاجعة حلّت بشعوبنا هی التبعیّة الفکریّة، وشیوع الاعتقاد بأن کلّ شیء من الغرب، وبأنّنا فقراء فی کلّ المجالات). والإمام (ره) لا یرید بذلک أن یوقف حرکة التعبیر الحرّ، ولا یرید أن یضع قیوداً، أو أن یفرض حدوداً، إنّه یرید فقط أن یصوّب هذه الحرکة نحو برّ الأمان، وأن یدیر دفّتها فی الاتّجاه الصحیح، لکی یتأتّى لها أن تؤتی أکلها، وأن تعطی ثمارها، وأن تُوصل إلى الهدایة، التی تعنی فیما تعنیه: أن یتصالح الإنسان مع نفسه، ومع محیطه، وقبل هذا وذاک، مع ربّه، ومع ضمیره ووجدانه، لیکون بذلک قادراً على أداء دوره الإلهیّ على هذه البسیطة.. ثانیاً: الحریة السیاسیّة أکّد الإمام الراحل على أن الاسلام هو دین الحریات الحقیقیّة، بما فیها حرّیّة العمل السیاسیّ، بل إنّ الحرّیّة هی الغایة من البعثة، وهی هدف الرسل والأنبیاء(ع)، و خصوصا خاتمهم وسیّدهم محمّد (ص)، کما یستفاد من قوله تعالى: ((ویضع عنهم إصرهم والأغلال التی کانت علیهم)).. فالنبیّ الأعظم (ص) إنّما أُرسل لکی یخلّص البشریّة من کلّ ما یقیّد حراکها من أغلال الاستبداد والجاهلیّة بمختلف صورها وأشکالها، وإنّ من الخواصّ البارزة فی الإسلام أنّه یعاند الکبت، ویُطلق الحرّیّات المعقولة، کیف لا؟ والإسلام هو الدین الذی رفع الإنسان، ونادى بتکریمه، وقدّسه وأجلّه، ودعاه إلى أن یُعزّ نفسه، وصرّح له بأنّ ما فی هذا الکون فهو موضوع لأجل خدمته ومنفعته، قال تعالى: ((ولقد کرّمنا بنی آدم وحملناهم فی البرّ والبحر ورزقناهم من الطیبات وفضلناهم على کثیرٍ ممّن خلقنا تفضیلاً)). بل الإسلام لا یفرض على الإنسان حتى أن یختار الطریق الذی فیه سعادته، الدنیویّة أو الأُخرویّة، فهو لم یجعل ذلک أمراً حتمیّاً علیه، بل اکتفى بأن یری الإنسان الطریق المؤدّی إلى تلک السعادة، ثمّ إن شاء أن یسلکه سلکه، وإن شاء لم یفعل.. ولیتحمّل هو عاقبة اختیاراته، کائناً ما کانت، قال سبحانه: ((إنّا هدیناه السبیل إمّا شاکراً وإمّا کفوراً)... فللإنسان أن یختار الغوایة والضلالة، وله أن یسلک بنفسه الطریق المؤدّی للضرر أو العقاب، ولا أحد یُجبره على غیر ذلک.. ((إنّک لا تهدی من أحببْتَ ولکنّ الله یهدی من یشاء)). ولکنّ الإسلام، وفی عین تقدیسه للحرّیّات والحقوق، فهو یعتبر أنّ أکثر ما یضرّ بالحریة ویُنزل من قیمتها، هو جعلها مطلقةً تتجاوز کلّ الحدود، ولا تقف عند نهایة، ولا یؤخذ فیها قید ولا شرط، وهذا هو رأی العقل أیضاً، فإنّ الحرّیّة المطلقة ستکون ـ لا محالة ـ منشأً للتصادم بین الأفراد أو الفئات أو المجتمعات أو الدول، والتصادم یوجب فساد المجتمع وانهیاره، واختلال الحیاة البشریّة ککلّ، ولهذا السبب ـ فی الحقیقة ـ وُجدت النُظم والقوانین والشرائع، لتنظیم حرّیّات الإنسان، لکیلا یلزم من حرّیّة کلّ فردٍ الاعتداء على حرّیّات الآخرین.. وهذا ما دعا إلیه الإسلام. فالإسلام لم یضع على الحرّیّات سوى بعض الأُطر والقیود الطفیفة التی هی فی صالح المجتمع والفرد، ولولا ذلک، لما کانت حرّیّة حقیقیّة؛ لأنّها حینئذٍ ستکون حرّیّةً للقویّ فقط فی انتهاک حقوق الضعیف، من دون أن یکون للضعیف القدرة أو الحقّ أو الحرّیّة فی ردّ اعتداءات القویّ علیه؛ فإنّ الإنسان عندما یمتلک القوّة، ویکون وفاضه خالیاً من التقوى ، فإنّه یمیل إلى الاستکبار والترفّع واستعباد الآخرین، وینحو نحو استلاب حقوقهم وحرّیّاتهم، وقدیماً قال فرعون لقومه: ((یا أیها الملأ ما علمت لکم من إله غیری)). وبدیهیّ أنّ حرّیّةً کهذه لا تستحقّ أن تسمّى حرّیّةً، حتى فی الشکل والظاهر، بل هی أقسى أشکال العبودیّة، وهی قمّة الاستغلال والانتهازیّة والدناءة. ومن هنا، کان الإمام الخمینی(ره) یؤکّد دائماً على أنّ الحرّیّة فی ظلّ الدولة الإسلامیّة تبقى مقبولة ومطلوبة ما دامت فی صالح الإنسان، ولکنّها تکون مرفوضة ما لم تکن تنطوی على التعالیم والقیم الإسلامیّة التی تحفظ للإنسان کرامته، وتقدّس فیه عقله وحرّیّة اختیاراته. یقول(ره): (الإسلام دین سام، ودیمقراطی بمعنى الکلمة، بل إنّ دیمقراطیة الإسلام أکمل من دیمقراطیة الغرب). والحریة السیاسیة هی احد اهم الاهداف التی سعى الاسلام إلى تحقیقها، وحثّ على حسن استخدامها من قبل الجمیع. یقول(ره): (الدیمقراطیة مندرجة فی الاسلام، والناس فی الاسلام أحرار فی بیان عقائدهم وفی أعمالهم، ما لم تکن ثمة مؤامرة فی الأمر، ولم یطرحوا مسائل تجرّ الجیل الى الانحراف). إنّ ما یقلق غالبیّة الحکّام فی الأنظمة الرجعیّة هو وجود الأحرار فی المجتمع، ولذلک فهم یسعون لمصادرة الحریات على کافة المستویات تسهیلاً لمهمّتهم فی الاستعباد، ولهذا کان الامام(قده) یدعو الشعوب الى التحرّر والاستقلال وخلع الأغلال، معتبراً ذلک تکلیفاً وواجباً: (یجب على أبناء الشعب الایرانی الشریف والمسلمین وجمیع الأحرار فی العالم أن یعلموا بأنّ علیهم تقدیم أغلى الأثمان فی سبیل نیل الاستقلال والحرّیة فیما لو أرادوا التحرّر من التبعیّة لأیّة قوّة عظمى، یمیناً أو یساراً». وقد تنبه الإمام مبکرا الى سعی الاستکبار الحثیث للسیطرة على خیرات بلادنا والتحکم بقدرات الشعوب باسم الحریة، فکان یکرّر ویقول: (من هم الرجعیّون؟ هل هم أولئک الذین یریدون الخروج من نیر الظلم وتحقیق الاستقلال؟! أم أولئک الذین یریدون سلب شعبنا وبلدنا استقلالهما وحریتهما؟). ثمّ یشخّص الإمام بعض أسالیب الحلّ والعلاج، فیقول: (البلاد بلادنا، وعلینا أن نبنیها بأنفسنا)، لأنّ استیراد کلّ شیء من الخارج شکل من أشکال الارتهان للخارج، فهو یتنافى مع الحریة، ولذلک: (إذا أرادت أیّة دولة الوقوف على أقدامها، ونیل استقلالها فی کلّ المجالات، فلیس أمامها حلّ سوى أن تُخرج من رأسها فکرة وجوب استیراد کلّ شیء من الخارج). وفی الردّ على ذرائع بعض الحکّام الذین کانوا یزعمون حاجة بلدانهم إلى المساعدات الخارجیّة لتخلیص شعوبهم من الفقر، یقول(ره): (إنّنا نرضى بحیاة فقیرة، شریطة أن نبقى أحراراً مستقلین، فإنّنا لا نقیّم الحیاة إلّا بما فیها من الحریّة والاستقلال، إذا أردتم أن تنالوا کرامة الدنیا والآخرة، وتعیشوا حیاتکم بعزّة فلتقفوا بحزم وقوة فی وجه الأجانب، ولتکونوا رحماء ورؤوفین وأصدقاء فیما بینکم). | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,068 |
||