الثورةالاسلامیة... الخلفیات والجذور | ||
الثورةالاسلامیة... الخلفیات والجذور یعود تأریخ هذا الحدیث الصحفی مع الامام الخامنئی الى السنوات الاولى التی اعقبت انتصار الثورة ، وبالتالی فهو لیس لقاءً جدیداً، وفی الوقت نفسه هو لیس لقاءً مفصلاً، بید ان الصحف عادت لنشره مجدداً نظراً لأهمیته القصوى بالنسبة لتأریخ الثورة الاسلامیة. و ها نحن نعید نشره بمناسبة الذکرى الثانیة و الثلاثین للانتصار . • نود اولاً ان تحدثونا عن العوامل التی اوجدت الثورة الاسلامیة فی ایران، وکیف تنظرون الى الجذور والخلفیات التی امتدت طوال سنین قبل الثورة؟ الامام الخامنئی : بسم الله الرحمن الرحیم.. سؤال قصیر بید انه ملیء بالافکار والإثارات بحیث اننا اذا اردنا الاجابة علیه کما یلیق نحتاج الى بحث مفصل. سأحاول ان اجیب علیه باختصار ماراً بأقصى ما یمکن على المسائل التی یطویها. ینبغی البحث عن العوامل التی اوجدت الثورة فی اکثر من بعد ومجال، احدها البعد التأریخی، ای ذلک المجال الذی له صلة بماضینا التأریخی. منذ حوالی مائة سنة ونحن فی صراع بمختلف الوجوه مع المستعمرین، وکانت کل جولة من جولات الصراع تلک تقترن فی وعینا الوطنی، مع ما انطوت علیه من انتصارات وتوفیقات، او من هزائم وانکسارات، حیث ترکت اثرها فی الذاکرة العامة لشعبنا. ومن البدیهی لا وجود لامة تعیش من دون ماض، ومن دون ذاکرة، ومن دون تجارب متراکمة. واذا قدّر لأمة ان تعیش من دون تجارب، فمن المؤکد انها لا تکون فی وضع مساوق لامة تعیش وجودها وموقعها فی ظلال التجارب ومع التجربة. شخصیتنا اذاً ووعینا وارادتنا وعزمنا ترتبط جمیعاً وبقدر ملحوظ بذلک الماضی. إبدأو فی استقصاء ذلک الماضی ورصد محطاته، بحرکة التبغ و(نهضة) المیرزا الشیرازی، الى ان تصلوا الى حرکة (الجنکل)(ثورة الغابات) و(نهضة) مدرس وآیة الله کاشانی، مروراً بتلک الوقائع الکبیرة والصغیرة الأخرى التی تحرکت على هذا المسار. ثمّ قسم آخر من العوامل التی اوجدت هذه الثورة یرتبط بالمسائل المباشرة لمجتمعنا. واذا اردنا ان نتقصى تلک العوامل، فربما کان اهمها وجود نظام سلطوی سفاک، غیر شعبی، معاد للاسلام، قامت الثورة على انقاضه مباشرة. فلو لم یحکم ایران نظام مثل هذا، ضغط على الشعب وجرّعه المعاناة فی دینه ودنیاه، فمن المؤکد لم تکن تتوفر للثورة جمیع هذه المقدمات، وربما لم تکن الثورة قد انبثقت بالشکل الذی انبثقت به فعلاً. ثمة عناصر مباشرة أخرى کانت من العوامل المهمة التی اوجدت الثورة، وهذه العناصر یجب العنایة بها والاهتمام بدراستها. من بین ذلک الوعی الذی توفر علیه الشعب من خلال خطابات العلماء وکلماتهم، وقد کان بروز هذا العامل هو مما یوجبه النسیج الطبیعی لمجتمعنا، فی حین تفتقد المجتمعات الاخرى الى مثل هذا العنصر، خصوصاً المجتمعات الغربیة التی لم تعرفه اصلاً. فی مجتمعنا تبرز العلاقة بین العلماء والشعب، والشعب له اعتقاد بعلماء الدین والموجهین الدینیین، فهو یستمد النصیحة والتوجیه منهم، ویقبلهما. ومن جهتهم توفر العلماء على قدر کبیر من معرفة القضایا العالمیة والاطلاع علیها، ووعی المسائل السیاسیة، وقد کان لمیول العلماء الى المسائل الثوریة دور مؤثر فی الثورة (فی تشکلها وانبثاقها ومن ثم انتصارها)، وانا شخصیاً أؤکد على ما لهذا الدور من تأثیر فی الوقائع الاجتماعیة، والاوضاع التی وجدت فیما بعد، ای انی أؤکد على طبیعة العلاقة بین العلماء والشعب، وعلى الوعی الرفیع للشعب. القسم الآخر من العوامل التی اوجدت الثورة، وهو یعد من اهم الاقسام فی تأثیرها واکثرها اهمیة، یتمثل بالعوامل الانسانیة. وفی قراءة الابعاد الانسانیة، یجب الانتباه الى دور جمیع الشخصیات العظیمة التی شارکت فی الثورة، ویجب - على الاخص- الانتباه الى شخصیة الامام الخمینی الاستثنائیة الفذة. فلو لم یکن هذا القائد، بما له من خصائص کبیرة فی الفکر والوعی والروح (الخصائص الروحیة) فمن المؤکد ان الثورة لم تکن تنبثق حتى مع وجود جمیع تلک الشروط، ولم تکن حرکة الجهاد والمقاومة قادرة على بلوغ النصر. ان وجود شخصیة الامام الخمینی یُخطئ النظریة التی تزعم عدم تأثیر الشخصیة فی التأریخ، وتثبت فی الوقت نفسه ان الشخصیات لیس لها دور مؤثر فی التأریخ وحسب، بل لها اکبر الأثر ایضاً. لقد کان الى جوار شخصیة الامام، علماء وقادة لکل واحد منهم دوره فی تغذیة الفکر الثوری والانقلابی الموجود، وسوق المجتمع نحو الثورة. القسم الرابع من العوامل المؤثرة فی الثورة، هو الفکر الاسلامی والایمان الدینی لشعبنا، وهذا عامل مستقل عن العوامل الاخرى التی اشرنا الیها وعولنا علیها. یجب ان نذعن الى ان تأثیر الامام الخمینی، وتأثیر العلماء الذین کانوا رسل الثورة، وما کان من تأثیر لجمیع الاوضاع والشروط الاخرى فی القاعدة العریضة للشعب، انما أبتنیت على اساس وجود الاسلام والایمان الدینی لدى الشعب. فلو کان الشعب یفتقر للایمان الدینی، لما توفرت له مثل تلک الدوافع، ولما کان قُدّر ان توجد ثورة مثل هذه ، وتنبثق نهضة على هذه الشاکلة، خصوصاً مع وجود تلک الاوضاع فی هذا الجزء من العالم التی تسبب فی إیجادها الامیرکان وبقیة القوى العالمیة. لو لم یکن الاسلام موجوداً بین الناس لما إنبثقت نهضة مثل هذه، والعلة التی تفسّر لنا حال الحیرة والمفاجأة التی اصابت العدو، تتمثل بغفلتهم عن الاسلام، اذ لم یکونوا أولوا هذا العنصر التقدیر الکافی. لقد اخذوا جمیع العوامل بنظر الاعتبار، بید انهم اخطأوا تقدیر الایمان الاسلامی، ولم یدخل فی تخطیطهم على نحو صحیح، هذا هو سرّ المفاجأة التی نزلت بهم، بحیث اصابتهم ضربة شدیدة لا یمکن احترازها (احتراز آثارها وما تسببت به). • کیف ترون معطیات الثورة الاسلامیة وآثارها فی العالم عموماً، وفی العالم الاسلامی بشکل خاص؟ ثم ما هو تأثیر الثورة الاسلامیة فی قضیة وحدة مسلمی العالم؟ الامام الخامنئی : لو کان السؤال خاصاً بمعطیات الثورة الاسلامیة الایرانیة، فانّ لذلک جواباً معیناً، اما اذا کان السؤال عن المعطیات بشکل عام، فانّ لذلک جواباً آخر. لقد کانت لهذه الثورة معطیات کبیرة لشعب ایران، اهمها الحریة والاستقلال والاسلام. کما انها حققت للبلد متطلباته الشعبیة والاسلامیة، واضحت بدایة لحرکة نحو مستقبل زاهر مشبع بالامل، ومنحت هذا الشعب موقعاً رفیعاً ووجها ً عزیزاً فی العالم، بحیث نستطیع القول انه لیس هناک قیم علیا او هدف أسمى یصبو الیه شعب من الشعوب الاّ وحققته الثورة لشعب ایران. ولکن هذه الثورة لم تکن معطیاتها لایران وحدها وحسب، بل کان لجمیع أمم العالم نصیب فی معطیاتها. ان احد معطیات هذه الثورة للبشریة جمعاء انها اثبتت ان بمقدور الشعوب ان تقرّر مصیرها بنفسها، ولوحدها، من دون الاعتماد على القوى العالمیة والقدرات الکبرى. وهذا امر لم یکن معروفاً ولا مقبولاً، بل ولا یصدّق او یعتقد به احد قبل الثورة الاسلامیة فی ایران، عادت الثورة لتثبته وتؤکده فی واحدٍ من (أهم) معطیاتها لشعوب العالم. من المعطیات الأخرى التی وفرتها الثورة للبشریة جمعاء، انها اثبتت ان بالامکان الاعتماد فی عصر المادیة على القیم والرکون الیها. طبیعی یمکن لأبناء البشریة الیوم ان لا یؤمنوا بمثل هذه الاهداف الکبیرة، او لا یقیموا لها وزناً، کما یمکن ایضاً ان ینکروا - هذه المعطیات - ولا یدرجونها اصلاً فی خانة الاهداف (السامیة)، ولکن هناک – على ای حال – من ابناء البشریة من لا یقنع الا بالاهداف المنیفة السامیة، ولا یرضى (العیش) بغیرها. هؤلاء بانتصار ثورتنا سیمتلکهم أمل، وأمثال هؤلاء هم الذین یدفعون البشریة نحو الاهداف الکبیرة العالیة. وثمة معطى خاص لثورتنا على صعید البلاد الاسلامیة، یتمثل فی اننا استطعنا بعد قرون متمادیة ان نجسّد الاسلام فی صورة نظام شامل. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,217 |
||