الغرب فی مواجهةالصحوةالإسلامیة.. الأسالیب والأهداف | ||
الغرب فی مواجهةالصحوةالإسلامیة.. الأسالیب والأهداف حسین خضر لیس من الصعب على من ینطلق فی تفکیره من زاویة إسلامیة موضوعیة،ویرى نفسهم عنیا بأمورالمسلمین،أن یکتشف ضرورة حدوث تحول عظیم فی حیاة الأمة،یعید إلیها مناعتها وسیادتها،بعدأن فرّغهاالاستکبارمن کل محتواها الحضاری والرسالی،وبترهاعن ماضیها وتراثها وحضارتها،وحوّلها من حالة الانتماءالحضاری إلى حالة اللاانتماء،هذا التحول العظیم هوالصحوة الإسلامیة. إلاّ أنّ تأثیر هذه الصحوة على مصالح الغرب والتی من شأنها قطع شوکة الاستکبار فی العالم العربی والإسلامی لم تکن لتخف على عدو یتربص بالمسلمین الدوائر منذ عقود من الزمن ویکید لهم المکائد، الواحدة تلو الأخرى، بل على العکس من ذلک، فقد وعى الغرب جیداً أنّه لا یمکن أن یضع یده على کنوز الأمة الإسلامیة وثرواتها الطبیعیة قبل أن یضع یده على عقول أبنائها، ولا یمکن أن یفتح الطریق إلى ثروات المسلمین قبل أن یقطع علیهم الطریق إلى حضارتهم ورسالتهم، وأنّ أمةً ـ أی أمة کانت ـ لا زالت مرتبطة بماضیها وحضارتها ومستشعرة لشخصیتها التاریخیة ومتمسکة بحضارتها فهی تقاوم الغزو والاحتلال والنفوذ السیاسی والفکری الأجنبی مهما کان. نعم، لقد عرف المخططون للاستکبار هذه الحقائق جمیعاً، حقیقة بعد أخرى، وأیقنوا أنّ التهدید الأکبر الذی یقف فی طریق مصالحهم إنّما هو الصحوة الإسلامیة التی یسعى إلیها علماء الإسلام الیوم، فتوجهوا بکل جد واهتمام لعلاج هذه المشکلة ومصادرة هذه المناعة والمقاومة. هذا ویمکن إجمال الأهداف المرحلیة للرؤیة الغربیة للصحوة بما یلی: 1 - المحافظة على صورة مشوهة عن الإسلام فی العقلیة الغربیة، والحیلولة دون تأثر سکان الغرب بریاح الصحوة والتدین. لقد طال هذا التشویه حتى حجاب المسلمة وما یرمز إلیه من قیم، إذ تحوّل هذا الحجاب ـ کما بات الجمیع یعرفون ـ إلى مکروه أو محرم یستدعی التندید والتهویل بأخطاره على الهویة الوطنیة، فأصدرت ضده قوانین المنع، واستسهلت السلطات القضائیة أخذ الإجراءات بحقه باعتباره رمزاً للتطرف والتخلف، فأوصدت فی وجه من اخترنه بملء إرادتهن وکامل حریتهن أبواب التعلیم والعمل. 2 - حمل ممارسات التیارات الإسلامیة وأسالیبها، على الإسلام نفسه، وتصویرها تصویراً محرّفاً وسلبیاً. فمثلاً، استخدام بعض تیارات الصحوة حق الدفاع عن النفس یصوّره العقل الغربی بأنّ الإسلام یحمل فی ذاته مکامن العنف والإرهاب. 3 - ملء ما یسمى بمناطق الفراغ الفکری فی المجتمعات الإسلامیة، من خلال الترویج لمبادئ الدیمقراطیة الغربیة الحدیثة کبدیل عن الحل الإسلامی، بعد إخفاق معظم القوانین الوضعیة ـ التی تنتحل الصفة الإسلامیة ـ فی احتواء المسلمین. 4 - دفع أنظمة البلدان الإسلامیة، لتبنّی الدیمقراطیة اللیبرالیة فی الحکم، وتجنب القمع الاجتماعی إلى حد ما، وإعطاء بعض الحریات، ورفع الشعارات الإسلامیة، کمحاولة لامتصاص النقمة الشعبیة، والحیلولة دون هیمنة تیار الصحوة على الشارع. 5 - إثبات فشل النموذج الإسلامی فی إیران، وعدم صلاحیته سیاسیاً وثقافیاً واجتماعیاً لحل مشکلات الإنسان المعاصر، عن طریق کیل التهم والافتراءات له. 6 - قیام الدراسات الغربیة بتقسیم الإسلام إلى ثنائیات متناقضة، لیس لها أی قاعدة أو جذور داخل العقیدة الإسلامیة، ولکنّها تنسجم مع فهم الغرب للأشیاء، فوضعت مصطلح الإسلامی فی مقابل (المسلم)، والمتعصب أو المتطرف فی مقابل (المتدین)، والمتشدد فی مقابل المعتدل. لقد أسفرت هذه الافتراءات على الإسلام ومشروعه الحضاری الذی یدعو إلیه عن اتهامات وصور مغلوطة تکال فی العالم الغربی على مدار الساعة وتتردد فی کل وسائل النشر والإبلاغ من قبیل عدوانیة الإسلام وحضه على سفک الدماء، وکره المسلمین لغیر المسلمین، وجنوح الإسلام إلى التسلط والدیکتاتوریة ومعاداته للتقدم والقیم الغربیة، واستعباد المرأة ومصادرة حریتها... 7 - من أهم مظاهر الوعی الغربی وإفرازاته، التسمیات والمصطلحات التی یعرّف بها الصحوة الإسلامیة، وهی تسمیات تحمل فهماً مسبقاً وأحکاماً جاهزة، ولا تمت إلى الموضوعیة والبحث العلمی بصلة، وإنّما یراد بها التعتیم على حقیقة الصحوة الإسلامیة وتحجیمها. ومن أبرز تلک المصطلحات التی أطلقها الغرب على الصحوة الإسلامیة مصطلح الأصولیة الإسلامیة. إن خلفیة إطلاق الغرب مصطلح الأصولیة على الصحوة الإسلامیة تتمثل فی محاولة تقریب الصورة إلى ذهن المواطن الغربی، الذی یدرک جیداً ما تعنیه الأصولیة المسیحیة أولاً، وثانیاً الإیحاء للذهنیة الغربیة التی تکره الأصولیة المسیحیة بخطورة الصحوة الإسلامیة، لأنّها وجه آخر للأصولیة الکاثولیکیة فی أوروبا، والبروتستانتیة فی أمریکا. لقد آن لنا أن نفهم ونعی جیداً أن العقل الغربی بکل أجزائه یتظافر ویعمل لإزالة أسباب الصحوة الإسلامیة وتدمیر أی مستقبل لها من خلال الهجمات الإعلامیة والثقافیة الرهیبة المتوالیة، والممارسات السیاسیة العدوانیة، وبالتالی یجب على المسلمین کافة أن یرسموا استراتیجیة دفاعیة لمواجهة أخطار الصحوة وتحدیاتها، لیکون جیل الیوم، جیل الثورة على بینة من المخططات الرهیبة التی ینسجها الغرب بکافة جوارحه. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,997 |
||