إیران”تحاصر“الحصار | ||
إیران“تحاصر”الحصار آمال قلالة – کاتبة تونسیة نجح الإیرانیون،وهذا أمریحسب لهم،فی محاصرة الحصار من خلال إصرارهم على تحدیهم للأمریکیین والغرب والإسرائیلیین، وذلک بکسبهم رهان الاکتفاء الذاتی أولاً،وانفتاحهم على شعوب أخرى قریبة منهم جغرافیاً ثانیاً .. ( إیران بلد اقتصاده منهک بفعل الحصاروبنیته التحتیة متهالکة وشعبه مقموع وأوضاع المرأة فیه تقارب أوضاع المرأة الأفغانیة خلال فترة حکم طالبان ونسبة الأمیة فیه متفشیة بصفة مفزعة وعملته منهارة وحکومته تبددعائدات الثروة النفطیة على الصناعة العسکریة وبناء المفاعل النووی من اجل بسط الهیمنة على المنطقة وتهدیدإسرائیل… ) هذه هی الصورة القاتمة حول إیران التی حاول الغرب ومازال یحاول غرسها فی عقولنا وأذهانناعبرماکینته الإعلامیة بهدف خلق فجوة بین دولة إسلامیة کبیرة مرشحة لتکون فی یوم ما ماردا اقتصادیا وبقیة الدول العربیة والإسلامیة،خاصة بعد أن کشفت إیران عن دعمها الکامل للقضیة الفلسطینیة وأعلنت ومنذ السنوات الأولى للثورة عن جعل کل آخرجمعة من شهررمضان یوما احتفالیا بالقدس، کما لم تتردد إیران فی دعم المقاومة الإسلامیة فی لبنان وحماس. مغالطات غربیة بالجملة وقد اتخذ الغرب إلى جانب بعض الأنظمة التی تحکم دول عربیة توصف بـ”دول الاعتدال” من هذا الدعم مادة لتسویق إیران على أنها دولة إرهابیة ، قدوة بالوصف الإسرائیلی الأمریکی بالخصوص ، على اعتبار أنها داعمة لحرکتین “إرهابیتین” فی المنظور الأمریکی الإسرائیلی هما حزب الله وحماس ، وکذلک على اعتبار دعمها لسوریا المصنفة فی وزارة الخارجیة الأمریکیة بالدولة الإرهابیة الحاضنة لمختلف الفصائل الفلسطینیة المناوئة لاتفاقیة أوسلو ولمسار المفاوضات القائمة بین حرکة فتح وإسرائیل والتی حوصرت أمریکیا وغربیا منذ سنوات بهدف إضعافها وإدخالها عنوة فی بیت “الاعتدال العربی”. هذه صورة إیران التی استمات ویستمیت الإسرائیلیون والأمریکیون والغرب عموما فی تسویقها إلینا نحن الشعوب العربیة بالخصوص ، حتى بتنا فی تونس مثلا نتوجس خیفة من هذا البلد وخلقت بیننا وبینها مسافات تفوق أضعاف أضعاف الخمسة آلاف کیلومتر التی تفصل بیننا جغرافیا. مشهدإعلامی وثقافی ثری ومتنوع ولکن ما رأیته من خلال زیارتی لطهران بمناسبة المؤتمر السنوی الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطینیة ( ١ - ٢ أکتوبر 2011 ) قلب عندی کل المفاهیم وشکل لدیّ انطباعات أخرى عن هذا البلد الإسلامی الصدیق ، ودفعنی إلى وضع نقطة استفهام کبیرة حول المعلومات الوافدة علینا من خلال وکالات وصحف وفضائیات غربیة وحتى عربیة حول حقیقة إیران وما یجری فیها. فی واقع الأمر رأیت ماردا اقتصادیا بصدد التشکّل وبلدا متحضرا.. فشوارع طهران الواسعة والمحفوفة بالأشجار والحدائق تضاهی شوارع أرقى العواصم الغربیة… المدینة تعج بالمتاحف وأروقة الفنون التشکیلیة التی زرت بعضها ورأیت مدى إقبال الشباب علیها ، وهذا دلیل رقی وتحضر ووعی.. مراکز البحوث والدراسات بجمیع اختصاصاتها لا تحصى ولا تعدّ ، والجامعات ببناءاتها الشاهقة منتشرة فی کل أنحاء العاصمة طهران وضواحیها.. دور العرض المسرحی والسینمائی منتشرة فی مختلف أرجاء العاصمة وهذا یعکس مدى اهتمام الإیرانیین بهذه الفنون. المشهد الإعلامی فی إیران یوحی بالتنوع من خلال عشرات العناوین المعروضة فی الأکشاک.. صحف یومیة وأسبوعیة وشهریة ومجلات نسائیة وأخرى مخصصة للأطفال باللغات الفارسیة والانجلیزیة والعربیة مثل صحیفتی “الوفاق” و”کیهان العربی” وهذه الأخیرة تسنى لی زیارة مقرها، أیضا یتسم المشهد الإعلامی الإیرانی بتعدد الفضائیات الناطقة باللغتین الفارسیة والانجلیزیة وواحدة باللغة العربیة وهی “قناة العالم” التی جعلت منها الحکومة الإیرانیة نافذة تطلّ منها على العالم العربی بالخصوص. حصارمنزوع المفاعیل ! “بازارات” السجاد الفارسی الذی یعد مفخرة الصناعات التقلیدیة الإیرانیة والتی لها صیت عالمی، متناثرة فی جمیع شوارع طهران إلى جانب “بازارات” التحف التی تعکس المخزون التراثی الفارسی الثری والعریق والقدیم قدم الحضارة الفارسیة. ولإیران قصة مع الحصار الأمریکی الصهیونی ربما یعرفها الجمیع وکان من الطبیعی ان أسعى لمعاینة تداعیات ذلک الحصار على الوضع الاجتماعی وعلى الحیاة الیومیة للمواطن الإیرانی العادی ، وهنا کانت المفاجأة الکبرى حین رأیت الغیاب الکلی لآثار ذلک الحصار على الواقع المعیشی الیومی لسکان طهران… فکل أنواع الغلال والفواکه والخضر واللحوم والمنتوجات الزراعیة الأخرى مکدسة فی الأسواق ، ولا غرابة فی ذلک فإیران أرضها خصبة والمیاه فیها متوفرة، کما أن محلات العطارة تزخر بکل أنواع التوابل التی لا نکاد نعرف منها الکثیر فی تونس… کما أن المحلات التجاریة الکبرى تزخر بکل المارکات العالمیة (عطورات، ساعات یدویة، حقائب، أحذیة وإکسسوارات نسائیة) إضافة إلى السلع الترکیة والصینیة والروسیة. ومن اغرب الحقائق التی اکتشفتها هو إجماع اغلب تجار السجاد الإیرانی على أن أهم زبائنهم هم من الأمریکیین الذین تسابقت حکوماتهم المتعاقبة فی إحکام قبضة الحصار على إیران إرضاء للوبی الصهیونی. جملة القول فان ما یمکن تأکیده هو أن الإیرانیین نجحوا ، وهذا أمر یحسب لهم ، فی محاصرة الحصار من خلال إصرارهم على تحدیهم للأمریکیین والغرب والإسرائیلیین ، وذلک بکسبهم رهان الاکتفاء الذاتی أولا، وانفتاحهم على شعوب أخرى قریبة منهم جغرافیاً ثانیاً . | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,265 |
||