یقظةالشعوب ودورها فی إحباط أسالیب الاستکبار | ||
یقظةالشعوب ودورها فی إحباط أسالیب الاستکبار علی محسن إذا ما أراد الاستکبار أن ینشب مخالبه فی أیّ موضعٍ من عالمنا هذا فإنّه فی العادة یستخدم لتحقیق هذه الغایة الدنیئة واحداً من أسالیب ثلاثة، إلّا أنّ أیّاً من هذه الأسالیب الثلاثة لم یُجْدِ نفعاً لحدّ الآن. وتلک الأسالیب الثلاثة هی : المال والترهیب والإعلام. 1ـ الأسلوب المالی، المتمثّل فی محاولات إغراء الناس وشراء ضمائرهم وآرائهم وتوجّهاتهم بالأموال. ولیس المراد بعنصر المال أنّه یتدخّل فی اقتصاد البلاد؛ فإنّ منطق الوقائع یقضی بأنّه ما من بلدٍ فی هذا العالم، مهما بلغت قوّته، یستطیع أن یترک تأثیراً بالغاً على اقتصاد أیّ بلدٍ آخر على المدى البعید، شریطة أن یکون الشعب فی ذلک البلد واعیاً ومتیقّظاً ومتّحداً. نعم، قد یستطیع إیجاد خللٍ فیه أو بلبلة فی اقتصاده، ولکن لأمدٍ قصیر وضمن مستویات محدودة وفی نطاقاتٍ ضیّقة. إنّ الأسلوب المالیّ بمعنى تقدیم الرشوة وشراء ذمم ذوی النفوس الضعیفة، واستعباد الطمّاعین بالأموال، یُعدّ ظاهرةً متفشّیةً فی عالم الیوم؛ إذ إنّ الاستکبار العالمیّ یعمل أوّلاً على اکتشاف ذوی النفوس الضعیفة، ویجود علیهم بالأموال لیستعبدهم، ما أدّى إلى إلحاق الضرر بالکثیر من دول العالم. 2ـ الأسلوب الآخر هو الأسلوب العسکریّ الذی یتّخذه الاستکبار کأداةٍ للترهیب، فحیثما یثور جدل بین جانبین فی بقعةٍ من بقاع العالم، تنطلق الأساطیل الأمریکیّة إلى هناک، وتبدأ بإطلاق الوعید والتهدید. ولکنّ الشعوب الواعیة والمتیقّظة والحریصة على أوطانها، والقلوب العابقة بنسائم الإیمان والاطمئنان والثقة بالنفس لا تبالی بمثل هذه التهدیدات، بل هذه التهدیدات الفارغة لا تُثیر الفزع إلّا لدى الجبناء والضعفاء الذین لا إیمان لهم. 3ـ وأمّا الأسلوب الثالث، فهو الإعلام الذی یحاولون من خلاله قلب الحقائق وتزوییرها وخداع الشعوب بالکذب والأضالیل. وإنّ أوّل عملٍ یمارسه الإعلام ضدّ الدول هو التشکیک فی مصداقیّة المراکز الحقیقیّة للصدق والصفاء فیها، فیشکّک فی طبیعة عمل أجهزة الإعلام الصادقة، ویثیر الشکوک حول شخصیّات الناس المؤمنین، ویکیل التهم لهذا وذاک، ویخلق التردّد فی قلوب الناس، ویحرف العقول، ویقلب الحقائق. هذه هی الأسالیب الثلاثة التی یعتمدها الاستکبار العالمیّ فی محاولة کسب السیطرة على جمیع مفاصل القرار الحرّ فی هذا العالم. وقد تمکّن الاستکبار الغربیّ، والأمریکیّ بالخصوص، من خلال هذه الأسالیب ومفرداتها، تمکّن من إخضاع العدید من البلدان للهیمنة الغربیّة والأمریکیّة، وجعلها تئنّ تحت وطأة التسلّط الأمریکیّ المجحف، غیر قادرةٍ على وضع حدٍّ لتعاظمه وتنامیه. إنّ جمیع البلدان التی تخضع الیوم للتسلّط الأمریکیّ تشعر شعوبها، بل وحتى حکوماتها، بالقلق والاضطراب وعدم الارتیاح؛ إذ تستولی علیهم مشاعر الیأس والعجز من إزاحة کابوس التسلّط الأمریکیّ الجاثم على صدورهم، هذا هو حال الغالبیّة من طبقات المجتمع وفئات الشعب، وإن کان من الطبیعیّ أنّ البعض یشعر بالارتیاح لوجود مثل هذا التسلّط؛ لأنّ لهم مصالحهم فیه، وهم یتقاضون الرشوة لقاء وجوده. والمشکلة تکمن فی أنّ بلداننا الإسلامیّة ـ بحسب التوزیع الجغرافیّ والسیاسیّ الحالیّ لها ـ تحظى بموقعٍ حسّاس، وهی فی الأعمّ الأغلب ذات أراضٍ ملیئة بالثروات، کما أنّها ذات ثرواتٍ ثقافیّة وحضاریّة غنیّة ومتنوّعة، وذات موقع استراتیجیّ بالغ الأهمّیّة، ولهذا السبب لا یهون على القوى الغربیّة الجشعة أن تتخلّى عن التطلّع إلیها بهذه السهولة، وهم فی سعیٍ دائمٍ وحثیث لأخذها من أهلها والهیمنة وبسط نفوذهم علیها وتجییرها بالکامل لمصالحهم الخاصّة، والاستیلاء على ثرواتها ونهبها. ومن هنا فقد باتت الشعوب الإسلامیّة تدرک جیّداً، بشبابها وشیوخها، وصغارها وکبارها، وبمختلف شرائحهم ـ باستثناء من شذّ وندر منهم ممّن تعلّق بمغریات الغرب وزخارفه ـ أنّ العلاج الوحید الذی یتکفّل برفع هذا التسلّط، والقضاء على هذه الهیمنة، بکلّ أشکالها، إنّما هو العودة إلى التمسّک بالإسلام، والعمل به، وبوحدة الکلمة، وبمعرفة العدوّ، وعلى المفکّرین والعلماء والمثقّفین والنخب فی أمّتنا الإسلامیّة أن یعملوا على استنهاض حالةٍ من التعبئة الجماهیریّة الواسعة، نصل من خلالها إلى نشر فهمٍ عمیق للإسلام على ضوء الوعی والبصیرة والیقظة، واتّخاذ تعالیمه ومنظومته القیمیّة منهجاً للحیاة، کلّ الحیاة.. فالإسلام هو فقط القادر على مواجهة عنصر الإغراء بالمال الذی یُستعبد به الناس، وهو الوحید أیضاً القادر على مجابهة التهدید العسکریّ الذی یستعمله الأعداء لإدخال الخوف والرعب إلى قلوب الناس، وهو أیضاً الوحید القادر على کشف الخداع والتضلیل الإعلامیّ. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,163 |
||