الرسوم على الأوانی الخزفیةالایرانیة | ||
الرسوم على الأوانی الخزفیةالایرانیة فخرالدین حسینی یشاهد على سطوح الأوانی الخزفیة القدیمة رسوم حیوانات من قبیل الماعز الجبلی و الوعل و الحصان و الأفعى و الأسماک و غیره. و کان کل واحد منها بحد ذاته یعبر عن معنى و مفهوم خاص. و فیما یلی بعض المفاهیم التی کانت تفیدها هذه الرسوم : الماعزالجبلی معظم الأقوام ، کانوا یعتبرون الماعز الجبلی مظهراً للظوهر الطبیعیة النافعة ، مثلاً الناس فی لرستان ، کانت تعتبر هذا الحیوان مرتبطاً بالشمس ، و یعتبره البعض مظهراً لملائکة المطر، لأنهم کانوا یعتقدون بوجود علاقة بین القمر و المطر، و بین الشمس و الجفاف، و ان القرون الملتویة للماعز الجبلی لها علاقة بنزول المطر . الکبش الکبش فی المعتقدات العامة ینظر إلیه بمثابة حیوان قوی جداً و أسطوری، و کان یحظى بالاحترام لأنه مظهر التکاثر و المنفعة ، و نظراً لامتلاکه لقرون معکوفة ، ینسب الکبش إلى الشمس أیضاً الافعى کانت الأفعى ، حتى الألف الأول قبل المیلاد مظهراً و رمزاً للمیاه الجوفیة ، و لذلک کانت محل احترام و تقدیر ، و کان یستفاد من صورة الأفعى فی تزیین أطراف و حواشی الأوانی. و أحیاناً کان یستفاد من رسوم الأفعى للتعبیر عن الاحسان أو الاساءة، أو أکثرة ، کما کان یستفاد من رسوم الأفعى للتعبیر عن الحمایة و الحراسة ، و یشاهد فی الرسوم القدیمة ، ان هناک علاقة بین القمر و البقر و الأفعى، و ارتباطهم بالمطر الشمس والقمر فی الألف الرابع قبل المیلاد ، کان ینظر إلى الشمس على أنها أُمّ الکون ، و قد أوضحت التنقیبات ، التی أجریت فی هضبة «حصار» بدامغان ، ان أناس هذه المناطق ، کانوا فی الألف الثالث و الثانی قبل المیلاد ، یوسدون الموتى باتجاه المشرق، أی صوب الجهة التی تشرق منها الشمس، و لعل فی هذا ما یشیر إلى المکانة ، التی کانت تحظى بها الشمس لدى هؤلاء . کذلک کانت الشمس لدى البعض رمزاً للعمر الخالد ، و عظمة السلطة و جلالها ، بنحو کان یزین بها تاج الملوک ، کما کان الناس فی العصور القدیمة ، یکنون احتراماً ، و تقدیساً لزهور دوار الشمس . الشجرة کانت الشعوب الایرانیة القدیمة ، تؤمن بقداسة الشجرة و المیاه. هذا و کانت الشجرة بالنسبة لهم تمثل رمزاً للنمو و الحیاة ، و تتجلی بوضوح فی الخزف الایرانی العلاقة بین النبات و الماء و الأرض ، العناصر الثلاثة البارزة فی حیاة المزارعین ، و غالباً ما تکون إلى جوار بعض بمنظر بسیط و معبر . الطیور تشاهد رسوم أنواع الطیور و اللقالق و البجع و نظائرها على معظم الأوانی الفخاریة ، التی تمّ اکتشافها فی المناطق الایرانیة المختلفة ، و کثیراً ما ترسم طیور البحر فوق خطوط أفقیة متوازیة ، و ربما متموجة تعبیراً عن المیاه ، کذلک هناک العدید من رسوم البجع و اللقالق ذات السیقان الطویلة ، التی تعیش فی البرک و المستنفعات ، و هی تشیر إلى أهمیة الماء ، الذی هو ضروری لحیاتها . و عموماً ، یتم رسم الطیور بصورة جماعیة على سطوح الأوانی ، و أحیاناً بشکل مفرد ، و یعتبر الشاهین من الطیور ، التی تشاهد رسومها بکثرة على سطوح الأوانی الخزفیة ، فالشاهین بجناحیه العریضتین ، کان یعتبر مظهراً للحمایة الإلهیة ، و کان القدماء، ینظرون إلى الطیر القوی کرمز للتفوق و التعالی على شؤون الدنیا الترابیة . الانسان من المواضیع الطریفة ، التی تمت مشاهدتها فی حفریات منطقة «شوش»، رسوم عدد من النساء واقفات ، تمسک أحدهما بید الأخرى ، کما یشاهد أیضاً صور القمر ملازمة لهذه الرسوم ، و هو تعبیر عن العلاقة ، التی کان یعتقد بها الناس بین المرأة و القمر ، هذا و غالباً ما تتسم صور الانسان بالقامة الطویلة و المنکبین العریضین ، و الخصر الرفیع ، و کان الفنان یبالغ فی تجسیم ناحیة الخصر ، و یعکسه بصورة رفیعة إلى أقصى حد ، فی حین کان یصور الأفخاذ بشکل عریض و کبیر ، و کان یصور القسم العلوی لبدن الانسان فی صورة مثلث متساوی الأضلاع ، الأیدی مرفوعة و الأقدام تبدو فی حالة حرکة، و ربما ذلک تعبیر عن تصویر الانسان و هو فی حالة دعاء. لقد تم العثور على الاناء الذی یحتوی هذا الرسم فی الحفریات ، التی أجریت فی منطقة «إسماعیل آباد» فی شهریار ، و یعود تاریخه إلى الألف الرابع قبل المیلاد . . و فی إحدى قطع الفخار ، التی عثر علیها فی هضب «سیلک» ، و التی یعود تاریخها إلى حوالی أواخر الألف الخامس و أوائل الألف الرابع قبل المیلاد، ظهرت أربع نساء فی حالة أداء طقوس دینیة بصورة جماعیة.. ، و من حالة السواعد و الأبدان و الاتجاه نحو جهة واحدة ، یتضح ان هذه النسوة هنّ جانب من مجموعة کبیرة منشغلة فی أداء لوحة دینیة مقدسة ، و نظراً لأن هذا الرسم مکرر حول الاناء بنحو یشکل حلقة کاملة ، فمن المحتمل انّه یعبر عن رقصة دائریة ، و کانت هذه الطقوس ، تؤدی بوحی من عبارة أو تجلیل موضوع محل احترامهم ، و قد استلهم من قبیل النار، و الصید، و موسم الحصاد، و الأشجار المثمرة، و نظیر ذلک . کذلک ظهر على سطح قطعة فخاریة ، تعود إلى الألف الرابع قبل المیلاد، مجموعة من النساء أو الرجال أو خلیط منهما فی حالة أداء طقوس جماعیة ، و نظراً لوجود رسوم للشمس و الطیور المائیة بین الذین یؤدون الطقوس ، لذا یعتقد ان هذه الطقوس بمثابة عبادة الشمس و تقدیسها، أی عبادة إله النور الذی یمحق ظلام اللیل عن عیون الناس و قلوبهم .
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,940 |
||