الشباب المسلم وقودالصحوة | ||
الشباب المسلم وقود الصحوة ونحن نعیش أجواء الصحوة الإسلامیة، جاء التئام نحو 1200 شاب مسلم من ثلاثة وسبعین بلداً فی مؤتمر ( الشباب و الصحوة الاسلامیة ) بطهران ، بمثابة نافذة مشرعة على التطورات الدولیة.. فالعالم یقف الیوم على اعتاب منعطف تاریخی هام تلوح فیه آفاق مرحلة جدیدة من الحیاة السیاسیة والإجتماعیة ستقوض أسس العلاقات المعتمدة فی النظام السلطوی القائم، وتطلق صیحات البشرى لعالم ملیء بالعقلانیة والمعنویة والعدالة فی ظل الصحوة الإسلامیة للشعوب. تقویض تلک الأسس یعنی بالضرورة التمهید للإنقضاض على الدکتاتوریة. هذا المفهوم أکده قائد الثورة الإسلامیة الامام الخامنئی حینما استقبل فی لقاء ودی وحمیم ، مئات الشباب المسلم من دول کمصر وتونس ولیبیا ولبنان والیمن والبحرین وفلسطین، و شدد سماحته على أن الثورة التی تشهدها البلدان الإسلامیة الیوم هی مقدمة للثورة على الدکتاتوریة العالمیة المتمثلة فی شبکة الأخطبوط الصهیونیة والإستکباریة الفاسدة والخبیثة. هذا الکلام لیس شعاراً، بل الأحداث المتوالیة تؤکد بأنه ینبئ عن حقیقة قائمة باتت تقلق قادة الإستکبار العالمی أکثر من غیرهم، حتى ضاعفوا من محاولاتهم المحمومة لتغییر الوضع الراهن مهما کان الثمن، وبالطبع لیس بآخرها حیاکة المؤامرات أملاً فی اختطاف هذه الثورات. لا یختلف اثنان على أن العالم عانى الویلات جراء ظاهرة الإستعمار التی شهدها القرنان السابع والثامن عشر على ید عدد من الدول و بواسطة القوة العسکریة ولیس القوة الأخلاقیة التی کانت تزعم التحلی بها. ومعروف أن النفوذ الإستعماری نفوذ قهری مستمد من القوة العسکریة، ولیس نفوذاً ناجماً عن أسس فکریة أو خصال أخلاقیة.. وفی الحقیقة أن البشریة لم تحقق طموحاتها لا فی ظل المارکسیة ولا اللیبرالیة ولا القومیة ولا العلمانیة ، بل ووصلت إلى طریق مسدود على الصعیدین الفردی والإجتماعی. أما ما حدث فی عام 1979، فهو بزوغ شمس الثورة الإسلامیة التی کانت عبارة عن کیان فکری وأخلاقی قائم على فطرة الإنسان والإیمان بالله تبارک وتعالى.. الثورة التی قوّضت أسس معادلة النظام السلطوی، وأثبت أن کلمة الفصل لیست للآلة العسکریة المتطورة، بل الشعوب هی التی ترسم معالم المرحلة الجدیدة.. وبمنطلقاتها المعروفة دعت الثورة الإسلامیة ومنذ الیوم الاول إلى رفض المفهوم السطلوی فی العلاقات والخنوع أمام السطلویین فی العلاقات الدولیة. وبتعبیر آخر، أن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، وانطلاقاً من رؤیتها الفطریة والإیمانیة، اعتبرت سلطة الأقویاء وهیمنة النظام السلطوی وتصنیف دول العالم إلى متسلط وتابع، نماذج من أقسى وأبشع صور الظلم على المجتمع العالمی. وبعد مضی ثلاثة عقود على انتصار الثورة الإسلامیة الإیرانیة، جاءت الصحوة الإسلامیة لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفریقیا بمثابة تمهید لانهیار هیمنة الإستکبار العالمی التی امتدت لنحو ثلاثة قرون. إن تصفح أوراق القرن الماضی یشکف عن أن بریطانیا وفرنسا سعتا وبشکل فاضح ، بعد الحرب العالمیة الأولى وانهیار الإمبراطوریة العثمانیة، ومن خلال معاهدة سایکس بیکو عام 1916، سعتا إلى تقسیم الدولة العثمانیة وإیجاد هویات جدیدة فی الشرق الأوسط. وفی الحقیقة أن الهویة الإشتراکیة والقومیة والعنصریة والعربیة والعلمانیة و.. لیست سوى جانب من بطاقات الهویة التی أصدرها الغربیون لدول الشرق الأوسط، إلى جانب محاولاتهم المحمومة لطمس هویتها الإسلامیة الأصیلة وقمع النهضة الإسلامیة فی مختلف المجالات. لکننا ومع بدایة العقد الثانی من القرن الحادی والعشرین، أخذنا نشهد نشوء و تبلور تیار بأنفاس إسلامیة فی منطقة الشرق الأوسط عبّر عنه قائد الثورة الإسلامیة الامام الخامنئی بـ"الزلزال الحقیقی" فی المنطقة. لیس هذا فحسب ، بل راحت تطرق أسماعنا الیوم صدى نداءات رُددت أیام الثورة الإسلامیة الإیرانیة بشأن المطالبة بالعدالة والتغییر لیس فی تونس ومصر والبحرین والیمن و..، بل وحتى فی شوارع نیویورک وواشنطن ولندن وسائر مدن أوروبا المهمة. لکن ما هی القوة المحرکة لهذه الماکینة: الصحوة الإسلامیة؟ الجواب: الشباب المسلم. هذه الشریحة هی التی کانت معنیة بکلمات قائد الثورة الإسلامیة حینما حثهم على التحلّی بالیقظة والحذر التامّین والإستفادة من تجارب الآخرین، وعدم السماح لأخطبوط الإستبداد العالمی بسلب هذه الثورات وحرفها عن أهدافها الراهنة والمستقبلیة. إن خطر اختطاف الثورات وحرفها عن مسیرها الرئیس هدد، بل ویهدد دوماً، الثورات الجماهیریة. فمن أسالیب وسیناریوهات الإستکبار العالمی فک مفاتیح ورموز التطورات والثورات الشعبیة. وإن سجل السنوات المائة الأخیرة من تاریخ إیران یمیط اللثام تماماً عن محاولات جمّة للمستکبرین فی حرف مسار الثورات الجماهیریة. وبالرجوع إلى مراحل الإستبداد فی المجتمع الإیرانی ومن خلال نظرة إجمالیة لأحداث الخمس عشرة سنة الواقعة ما بین 1906 وإلى 1920 فی إیران، یتضح وجود صلة دائمة ومتجذرة بین الإستبداد الداخلی وبین الإستعمار الأجنبی. وفی الحقیقة أن دعم الإستعمار الأجنبی (روسیاً کان أم بریطانیاً أم فرنسیاً أم ..) للاستبداد الحاکم فی الداخل قاد إلى خلق دکتاتوریات مزمنة فی إیران. فاستبداد محمد علی شاه جاء بدعم من الروس، بینما قامت دکتاتوریة رضا خان على الدعم البریطانی له. ثم وضع الشعب حداً لحالة الإستبداد بالثورة الدستوریة (المشروطة) لکن الإستعمار أعاد وبعد خمسة عشر عاماً إنتاج دکتاتوریة عبر شخصیة قزاقیة أمیة وذلک بعد حرف ثورة المشروطة عن مسارها ، ووضع إیران فی معرض مرحلة کبت واضطراب سوداء استمرت لعقود. إن عدداً کبیراً من علماء الدین والمثقفین والصحفیین والتحرریین ودعاة المشروطة تم اعتقالهم ونفیهم وحتى اغتیالهم فی عهد نظام رضا خان الإستبدادی الإستعماری . وبعد 45 عاماً على المشروطة، وفی خضم نهضة تأمیم النفط المناهضة للإستعمار، توحد الإستبداد العالمی ثانیة ونظم انقلاباً مدروساً على الخطوة الوطنیة والإسلامیة لتأمیم النفط بحیث تم سحق وتبدید کافة جهود وإنجازات الشعب. لقد سرق المستعمرون نهضة تأمیم النفط ثم منحوه لکنسرسیوم نفطی بعد إقام مراسم مناقصة. لکنه وبعد مرور 25 عاماً على الإنقلاب الأمریکی ضد الحرکة المناهضة للإستعمار والإستبداد - تأمیم صناعة النفط - حدثت ثورة عظیمة فی إیران، لیست لم تنحرف عن مسارها فحسب وإنما تحوّلت أیضاً إلى تحد کبیر فی مقابل النظام السلطوی الإستعماری. أما لماذا لم تُخطف الثورة الإسلامیة فی إیران، شباط 1979، ولم تُحرف عن مسارها؟ ولماذا صارت نبراساً یستنیر به شباب الأمة الإسلامیة فی المحافظة على ثوراتهم الإسلامیة والشعبیة؟ إن سرّ ذلک یعود إلى التمسک بنبع الإسلام الفوار والذی لا مناص ولابدیل عنه فی إدارة البلد ، ونعمة ولایة الفقیه العظیمة. ذلک أن ولایة الفقیه تعنی أن الحکم بید من لا یرید الحکومة لنفسه بل یریدها لأجل الله وفی سبیله. کما أنها تعنی حکومة أکثر الناس إیماناً بأوامر الشریعة المقدسة.. تعنی حکومة أشجع وأبرع المسلمین إدارة وتدبیراً. . فمتى ما غفلت المجتمعات الإسلامیة عن تطبیق الأحکام الإسلامیة ، إبتلیت فی الواقع بالإستبداد، وهذه حقیقة شاخصة للعیان لا یمکن إنکارها. الصحوة الإسلامیة تعنی انتصار الدین على العلمانیة . وأن هذه الثورات - وکما عبّر قائد الثورة الإسلامیة - هی ساحة حرب الإرادات، و أن قانون الإنتصار لا یقوم إلا على البنیان المرصوص لمسلمی المنطقة ومناداتهم بتطبیق الإسلام . و قد بات واضحاً أن طریق بلدان المنطقة فی دحر الإستبداد الداخلی والإستعمار الأجنبی ، تمر عبر الصحوة الإسلامیة . لکن علینا أن نعلم أن المیول اللیبرالیة والعلمانیة ستحاول وبأسالیب منافقة تهمیش مکاسب الثورة و اخوائها. لقد أنفقت الإدارة الأمیرکیة فی إطار مشروع الشرق الأوسط الکبیر، الکثیر من أجل تقویة تیار العلمانیة فی بلدان المنطقة، و لکن " مکروا ومکر الله والله خیر الماکرین".. إذ أن الأحداث التی شهدتها المنطقة لم تکن لتجعل أحلامهم أضغاثاً فحسب ، وإنما أفشلت کافة خططهم دفعة واحدة وجعلتها هباء منثوراً. الصحوة الإسلامیة ثورة لإقامة حکم الله تعالى. و أن اناطة الحکم لتیارات لا دینیة یعنی فتح النوافذ أما الإستبداد والإستعمار. وبالحرف الواحد یمکن القول إن شباب الأمة الإسلامیة هم الحماة الأصلیون لهذه الثورات وعلیهم أن لا یسمحوا للمستعمرین بسرقة روح الثورة منهم وحرفها عن مسارها الأصلی. التحریر | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,182 |
||