الجمهــوریة الاسلامیــة فی ذکرى التأسیس | ||
الجمهــوریة الاسلامیــة فی ذکرى التأسیس غیر خافٍ على المطلعین على تاریخ نهضة الامام الخمینی الراحل ، أن المبادىْ الثلاثة : ( التلازم الازلی بین الدین و السیاسة ) ، و ( ضرورة العمل على اقامة الحکومة الاسلامیة ) ، و ( مبدأ ولایة الفقیه بوصفه الوجه الوحید لمشروعیة الدولة فی عصر الغیبة ) ، شکّلت أهم ارکان فکر الامام الخمینی الراحل و أبرز آرائه السیاسیة . و قد بقیت نهضة الامام الخمینی على مدى مراحل مسیرتها قائمة على هذه الاصول الثلاثة . علماً أن مساعی الامام فی احیاء الاصول الثلاثة و تحققها ، لم تبدأ مع انتفاضة عام 1963 ، بل أن أول کتاب سیاسی للامام – کشف الاسرار – الذی صدر عام 1943 ، و أول منشور سیاسی صدر لسماحته عام 1944 ، یشیران بوضوح الى إیمان سماحته بهذه الاصول و حرصه على تجسیدها . أن معظم مساعی الامام التی بذلت طوال جهاده السیاسی ، کانت قد تمرکزت حول احیاء الاصول الثلاثة أعلاه و اثبات حقانیتها ، و لفت انظار المجتمع الاسلامی الیها ، بدرجة أن سماحته و فضلاً عن بحوث ( ولایة الفقیه ) و فصل مسهب فی کتاب ( البیع ) و المسائل المطروحة فی کل من کتابی ( تحریر الوسیلة ) و ( توضیح المسائل ) ، نادراً ما کان یصدر عن سماحته حدیث أو کلمة أو خطاب و لم یتطرق فیه الى توضیح هذه الاصول . و بشکل عام نجح الامام الخمینی ، من خلال التوعیة و التوجیه و ترسیخ هذه الاصول فی صلب معتقدات الناس و تصوراتهم الدینیة ، فی تحکیم اهداف جهاده السیاسی و اسقاط النظام الشاهنشاهی و اقامة النظام الاسلامی . و بعد انتصار الثورة الاسلامیة ایضاً ، و على مدى أحدى عشرة سنة ، قاد الامام بصفته ( ولی أمر المجتمع الاسلامی و قائده ) الجمهوریة الاسلامیة فی أحلک الظروف و أصعب المواقف ، انطلاقاً من هذه الاصول و استناداً الى طاقة الجماهیر العظیمة التی آمنت بهذه الاصول و اختبرت حقانیتها عملیاً و تأثیرها الاعجازی . إذ أن رسوخ دعائم النظام الاسلامی و صموده بوجه کمّ هائل من المؤامرات و الدسائس و الظروف الصعبة ، کان منوطاً بتمسک غالبیة ابناء الشعب الایرانی المسلم بهذه الاصول أکثر من أی شىء آخر . علماً أن عمل الامام على ترویج هذه الاصول و ترسیخها فی افکار الناس و تصوراتهم الدینیة ، لم یکن بدافع تحقیق تطلعاته السیاسیة مطلقاً . بل أن سماحته ، و بوصفه عالماً اسلامیاً و فقیهاً مجتهداً یحیط بالکتاب و السنّة و خبیراً بالفلسفة و العرفان و التفسیر و حقول المعرفة الدینیة الأخرى برهن على حقانیة هذه الاصول ، کان یعتبر ترویج هذه الاصول و اشاعتها مسؤولیة دینیة على طریق احیاء الدین و تهذیبه من الشوائب و التحریف . و هکذا فأن ( المذهب السیاسی للامام الخمینی ) الذی یختلف کلیاً عن المذاهب السیاسیة المعاصرة ، یرتکز الى اصول و مبادىء أُختبرت عملیاً فی مجال العمل و التجربة العینیة ، و تم النطق بها – و فی الحقیقة احیاؤها – و اثبات حقانیتها و مشروعیتها نظریاً على لسان رجل لقبه العدو قبل الصدیق بـ ( محی الشریعة ) و ( مجدد الدین ) ، و لم یشک أحد فی سمو معرفته الاسلامیة الدقیقة و المتخصصة . و رغم أن مساعی جمّة بُذلت طوال تاریخ الاسلام من قبل علماء و مصلحین کبار على طریق احیاء هذه الاصول و الدفاع عنها ، و ان دافع الکثیر من الحرکات الشیعیة و نهضات العلماء کان تطلعها بالاساس لتحقیق هذه الاهداف و تجسیدها عینیاً . و لابد من القول و بدون مبالغة ، أن الامام الخمینی هو أول من نجح – بعد عصر صدر الاسلام – فی احیاء هذه الاصول و الاهداف على نطاق واسع من العالم الاسلامی ، و ان یقیم على ضوئها حکومة دینیة شعبیة مقتدرة و یقودها على مدى ما یقارب الاحد عشر عاماً . و بفضل أصالة المذهب السیاسی للامام الخمینی و النظام المنثق عنه ، تداعت کل محاولات المساس بنظام الجمهوریة الاسلامیة بدءً بالحرب المفروضة المدمرة و انتهاءً بممارسة شتى انواع الضغوط الدولیة . لقد آمن الامام الخمینی بأن الاسلام هو السیاسة بعینها ، و کان یعتبر تدخل المسلمین فی تقریر مصیرهم السیاسی و الاجتماعی واجباً الهیاً . و قد زلزلت هذه العقیدة ارکان الانظمة غیر الدینیة الحاکمة فی البلدان الاسلامیة ، و عرّضت مصالح الغرب الحیویة فی هذه البلدان الى مخاطر حقیقیة . و من هنا کانوا قد شکلوا جبهة من انصار الاسلام الامیرکی – على حد تعبیر الامام الخمینی – لمواجهة الثورة الاسلامیة . و فی هذا المجال أخذت الحکومة السعودیة و بقیة الانظمة العربیة الرجعیة ، على عاتقها مهمة المساهمة فی مشاریع محاصرة الجمهوریة الاسلامیة ، خاصة على صعید الجبهة الاعلامیة ، و قد تصدر موضوع فصل الدین عن السیاسة و تحریف مفاهیم الاسلام الثوریة جدول اعمالهم . و فی هذا المجال وصل عداء جبهة الاسلام الامیرکی الى درجة تکفیر الامام و انصار الثورة الاسلامیة ، و قد کتبت و نشرت بهذا الشأن الکثیر من المؤلفات و المقالات . أما الى أی حد نجحت الجبهة العالمیة المعادیة لأهداف الامام الخمینی و تطلعاته السیاسیة فی اخماد جذوة الصحوة الاسلامیة فهذا ما لا یتسع له المجال هنا . | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,297 |
||