أطفالنا.. بین ألم الاحتلال والتقصیرالمجتمعی..!! | ||
أطفالنا.. بین ألم الاحتلال والتقصیرالمجتمعی..!! آمال أبو خدیجة فی ذکرى یوم الطفل یحتفل أطفال العالم لترتسم البسمة على وجوههم البریئة، وتزداد أحلامهم وضوحاً فی نظرات عیونهم، وتهدأ نفوسهم بما تحاط من إشباع للأمن والأمان وسیادة قوانین العدالة اتجاه تحقیق حقوقهم وإنصافهم فی الحیاة وإحساسهم کفرد له التأثیر فی وجود المجتمعات ولا یحق التجاهل لحقه ووجوده. یبقى الطفل الفلسطینی لیس کأطفال العالم هؤلاء یبحث فی نظرات عیونه عما لم یجده منذ أن وُجد على أرض الحیاة عن حاجته الأساسیة لیعیش حیاة سویة کما یعیشها أطفال العالم وعن إحساس یغمره بالأمن فی الحیاة من محیطه العام الذی حاصره بکل أنواع الحرمان. الطفل الفلسطینی لا یعیش طفولة کما یعیشها أطفال العالم الصغار، یعیش کبیراً بالغاً فی فکره وهدفه قبل أن تنضج أعضاء جسده الصغیر، یحمل السلاح یُدافع عن کرامة وجوده ویُسطر بیدیه خریطة وطنه کی لا تُنسى من ذاکرته الصغیرة بما ترسمه أیادی الاحتلال لتشوه معالم تاریخه یتلقف حجارة یطارد بها ظهر المحتل الهارب من المیدان. الطفل الفلسطینی فهم الحیاة بتفاصیلها قبل مراحل نموها العادیة، یعیش معاناتها ویحمل همّها ویخوض میادین العمل والکفاح فیجرب السجون والمعتقلات ویسیر فی مسیرات النضال والعطاء. الطفل الفلسطینی کزهرة الربیع تتفتح لتُعطی عطراً یدوم حتى وقت الشتاء عندما یسیر شامخاً بین أطفال العالم یتحدى بنبرة صوته وصراخه الذی یدل على قوة إیمانه بحق الحیاة والوجود ویقینه باسترداد ما أُخذ منه قبل مولده لیرده لمن سیخلفه من الأجیال. الطفل الفلسطینی یترقب جرس مدرسته بنداء انتهاء الدوام لیحمل کُراسه فوق ظهره وبین أنامله وجنبیه تجتمع حبات الحصى وحجارة الأرض المبارکة، وتتسابق خطواته لیفتخر بین خِلته لیکون أول من ألقى بها فوق رؤوس من اغتصب الحق وأهلک الدیار کأنها صواعق الموت تزلزل قلوب هؤلاء الجبناء القابعین فوق تله خضراء أو حاجز من صخرة ورمال صماء. ومع عظمة صورة الطفل الفلسطینی وقدرته على تحمل الألم والصعاب والسعی للکفاح ونیل الحقوق، إلا أنه یبقى طفلاً یحتاج للمسة عطف وحب وتلبیة حاجاته لوجود وطن وأرض وشعوره بالأمن والأمان لیحظى بمعنى الطفولة کما یعیشها أطفال العالم المرفه بأنواع الحیاة، یحتاج أن یتنقل بین أرضه وزیارة أهله والذهاب لمدرسته دون أن یرى حواجز احتلال أو جدار یحجب المسیر، یحتاج لمعرفة معالم أرضه والدخول إلیها دون أن یُصد ویُمنع من النظر إلیها من بعید، یحتاج أن یجد العلاج والدواء دون حصار یحرمه الحیاة، یحتاج لغذاء کامل دون أن یُحرم کأس حلیب وخبز عیش کریم، یحتاج لیَنظر لسماء صافیة زرقاء تخلو من أی طائرة تلهبها صواریخ الموت وتسودها، یحتاج لشرب میاه نقیة ترتوی بها أعضاءه لتنمو سویة دون تلوث أو أمراض، یحتاج لإضاءة نور دائم دون أن تحرقه شمعة لیل تذوب بغدرها، یحتاج لحضن والده الذی غیبه السجان الغاصب عن رؤیته أو خُطفت روحه بشهادته، یحتاج لیبقى تحت ظل أسرته دون أن یُخطف بالإبعاد والتهجیر والزج فی المعتقلات، یحتاج لیتنقل ویلعب فی حارته دون عدوان علیه بالضرب والتشویه من أیدی المستوطنین وأبناءهم، یحتاج لینظر لمعالم تاریخه وتراثه وعقیدته لیجد أصل تاریخ عروبته وأجداده ولیس تاریخ مزوراً بلغة صهیونیة، یحتاج لیرى بیته قائماً لا تُمد إلیه ید العدو لتسقطه هدماً أو تفجیراً أو تهجیراً، یحتاج إلى أن یرى البحر أمامه ویتقلب فوق رماله الدافئة دون أن تترقبه عیون المتربصین لقتله وخطف ابتسامته، یحتاج لیرى مدائن فلسطین القدیمة من رُویت على مسمعه قصصها حدثّه بها جده عن ذکریات بین حارات عکا وحیفا ویافا والجلیل. الطفل الفلسطینی لا یجد حمایة مجتمعیة لحیاة أمنة کریمة فکم من طفل فقد حیاته حرقاً أو خنقاً أو غیره من الحوادث نتیجة عدم توفر الأمن والرعایة الکافیة سواء من أسرته أو مجتمعه، وکم وقعت حوادث السیر التی سلبت أرواح أطفالنا وأحرقت أجسادهم الطاهرة نتیجة الإهمال والتقصیر وعدم الحیطة والانتباه، وکم نسمع کل یوم وغداً عن استمرار ذلک الإهمال إما بحافلات المدرسة وریاض الأطفال المکتظة بأعداد الأطفال أو بحوادث السیر البشعة التی تزهق أرواحهم، فالطفل الفلسطینی لا یجد بیئة صحیة خالیة من الملوثات البیئة التی تزید من انتشار الأمراض وعدم النمو الصحی السلیم. فإن کان الاحتلال الصهیونی حرم أطفالنا أن یعیشوا کباقی أطفال العالم بکرامة وحق الحیاة الطبیعیة الآمنة التی یجب أن تُوفر لهم، فلنسعى نحن إلى حمایة ورعایة أطفالنا ونوفر لهم کل الأمن لأنهم رأسمالنا الذی نتطلع من خلاله لمستقبل وطننا لنرى فیه بناء دولتنا واسترداد أرضنا وتحریرها من کل أثار المحتل الغاصب لیعیدوا لنا کرامتنا.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,158 |
||